أطّر معالي الدكتور محمد خير أبو قديس وزير التعليم العالي والبحث العلمي في لقاءه مع رؤساء الجامعات الرسمية والخاصة جملة من التوجهات العصرية التي تؤشر لضرورة التحوّل من التعليم الوجاهي للتعليم المُدمج صوب الرقمي وبتشريعات ناظمة وفق تطلعات تتواءم مع التوجيهات الملكية السامية ما بعد جائحة كورونا؛ حيث بات هنالك ضرورات حتمية للإيمان أن التعليم ومخرجاته وحاجاته وتخصصاته بعد جائحة كورونا يختلف تماماً عمّا هو قبلها؛ وبالتالي هنالك حاجة لولوج هذه الحقبة من الزمان بمخرجات ومهارات وكفايات جديدة وتخصصات عصرية وأساليب تدريس وبنية تحتية ذكية أساسها رقمي وبنية فوقية من قوى بشرية مؤهلة لتطاول مضاء عزم الرؤى الملكية السامية:
١. توجهات معالي الوزير أبو قديس للأمانة لا تؤمن بضخ الشهادات ليصطف معظم حامليها في طوابير العاطلين عن العمل؛ لكنها واقعية وعملية تسعى لوقف كل التخصصات المشبعة والراكدة والتوجه صوب تخصصات جديدة ومطلوبة تحاكي لغة العصر في المهنية والتقنية لتخلق فرص عمل للشباب وبثقة للتوجه لسوق العمل من خلال المشاريع الريادية والفرص الإقتصادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتعزيز التشاركية مع القطاع الخاص للمساهمة في القضاء على البطالة وبؤر الفقر.
٢. التوجهات الجديدة والعملية للتخصصات تسعى لتعديل التشريعات والتعليمات لتسمح بفتح التخصصات النوعية على الغارب أفقياً وعمودياً وبأعداد دون سقوف لدعم برامج جديدة تشاركية ومتداخلة وذكية؛ مما سيرسم حقبة جديدة تدعم المرحلة بتخصصات توفّر فرص عمل للشباب وفق دراسات جدوى حقيقية لأهمية هذه التخصصات وحاجات السوق لها سواء في القطاع العام أو الخاص ولمختلف القطاعات التي تعزز الثقة بالنفس بالشباب وتفتح لهم الفرص الإقتصادية التي تشكّل دعامة لتمكينهم الإقتصادي والمالي والتي تبني على أهداف وتطلعات التخصصات وبناء الشخصية وغيرها.
٣. التوجهات العصرية تقتضي إيجاد بيئة إلكترونية عصرية من حيث البنية التحتية الإلكترونية وشبكات الإتصال السلكية واللاسلكية والمواد العلمية الرقمية المرفوعة على أنظمة التعليم الإلكتروني وقدرات نوعية إلكترونية عند أعضاء هيئة التدريس والطلبة وأتمتة الخدمات المقدمة للطلبة بدءاً من القبول والتسجيل ومروراً بالأكاديميا وعملياتها ووصولاً لإبراء الذمم الجامعية والتخريج وغيرها؛ ولعل إيعاز معاليه لرؤساء الجامعات لضرورة رفد البيئة الجامعية وأعضاء هيئة التدريس بأجهزة حاسوب محمولة وآيبادات تسمح بالكتابة الرقمية في العملية التدريسية يُؤشّر لإهتمام أكيد بتجويد بيئة التعليم الإلكتروني.
٤. التوجهات الجديدة أيضاً تقتضي ضرورة وجود تعليمات ناظمة لتأطير التدريس الإلكتروني ومواثيق الشرف اللازمة لذلك ليعرف كل عنصر بالبيئة الجامعية ما له وما عليه، وبالتالي يلتزم عضو هيئة التدريس وبإنضباط في العملية التدريسية وعلاقته مع عناصر البيئة الجامعية الأخرى وخصوصا الطلبة وكذلك أخلاقيات المهنة؛ وكذلك يلتزم الطلبة بحضور المحاضرات والمتابعة وإحترام مدرسيهم والإحترام المتبادلة ومعرفة ما لهم وما عليهم دونما عزف على الأوتار؛ وضرورة المرونة في التعاطي مع ملفات الغياب للمواءمة بينها وبين الضرورات الفنية والتقنية للتواصل؛ وهذه التعليمات تؤطّر العلاقة البينية بين مقدمي ومتلقي الخدمة ومدونات السلوك صوب مخرجات ذات جودة عصرية.
٥. التوجهات الجديدة تحوي خطة لإدماج التعليم الإلكتروني المدمج والهجين وبنسب وسيناريوهات قابلة للتطبيق في المرحلة المقبلة؛ لكنها أيضاً تحتاج لتشريعات ناظمة لنمضي بها قُدماً مع الزمن صوب تعليم إلكتروني متكامل ليصبح حاجة لا ترفاً وخياراً إلى جانب التعليم الوجاهي جرياً على ما هو معمول به في الدول الكبرى والمتقدمة منذ زمن بعيد.
٦. والتوجهات الجديدة تعزز التصنيفات والإعتمادات العالمية والجودة للجامعات والكليات والبرامج؛ كما تعزز توجهات البحث العلمي الرصين وخطط الإبتعاث للجامعات لتعزيز البرامج والتخصصات الجديدة؛ وتعزز الحاكمية الرشيدة ودعم التميز والإبداع وغيرها.
٧. التوجهات الجديدة تقضي ضرورة إعادة النظر بالخطط الدراسية كافة بالتنسيق مع الشركاء وأصحاب المصالح مع القطاع التعليمي وكذلك أرباب العمل في سوق العمل والجهات الموفّرة لفرص تشغيلية للشباب؛ وهذا حتماً بان من خلال خطط إستراتيجية للجامعات وفرص تدريبية للشباب في مواقع العمل لغايات فتح آفاق جديدة للخريجين على سبيل تشغيلهم وخلق شراكات حقيقية مع قطاعات العمل.
٨. كل التوجهات أعلاه حدت برئيس هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها لدعوة رؤساء الجامعات لإجتماع عاجل لتأطير معايير وضوابط جديدة للإعتماد والجودة؛ ومن ذلك وقف رفع الطاقات الإستيعابية والإستمرار بها للتخصصات لغايات تشجيع تخصصات جديدة قابلة للحياة ومواكبة العصر وغيرها من التوجهات التي تنصف كل الجامعات وبعدالة وحيادية دونما تمييز أو تجاهل.
٩. الوضع الوبائي بالطبع هو سيد الموقف لإعتماد ما سيتم عمله في الفصول القادمة من آليات تدريس والتداخل بين التعليم الوجاهي والإلكتروني والمدمج؛ وهذا حتماً يقتضي سيناريوهات إستباقية وفق الخبرات التراكمية التي إكتسبتها مؤسسات التعليم العالي والجامعات في السنة الماضية؛ وحتماً القرارات للفصل القادم تقتضي التفرّد بين آليات التدريس لمرحلة البكالوريوس والدراسات العليا لضمان جودة كل منهما.
بصراحة: التوجهات الجديدة للتعليم العالي والتي يقودها معالي الأخ الدكتور محمد خير أبو قديس بإقتدارتؤشر لحقبة تعليم عالي جديدة لما بعد جائحة كورونا ولتحويل التحديات التي واجهتنا إلى فرص حقيقية تتمثل بتخريج شباب قادر على التكيف مع حاجات سوق العمل وإيجاد المكان المناسب لتشغيلهم لخلق حالة التمكين الإقتصادي لهم؛ وتخلق حالة وطنية ترفع سوية وتنافسية الجامعات الرسمية والخاصة على السواء؛ والتوجهات الجديدة جلّها صوب التعليم المدمج والإلكتروني وإعادة النظر بالخطط الدراسية ومفاصل الأكاديميا كافة وضرورة تكيف هيئة الإعتماد مع ذلك؛ وهذه التوجهات تتواءم مع الرؤى الملكية السامية صوب تعليم نوعي بلغة عصرية تضع الأردن على الخريطة العالمية في جودة التعليم.
صباح الوطن الجميل