نبض البلد -
نبض البلد -عمّان - يقول وزير الثقافة الأسبق د. صلاح جرار إن ديوان"أجراس العودة"، الصادر عن دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ورام الله، فلسطين يمثّل النسخة الرابعة من جائزة الراحل "يونس أبو هليّل"، للتميّز التي أطلقها نجله البارّ بوالديه والوفيّ لوطنه الشاعر د. "جواد يونس أبو هليّل"، عن روح والده منذ العام 2015، مؤكدًا على أن هذا الجهد يحمل رسالة وطنية صادقة تدعو للنهوض بها.
جرار يرى أن هذا الديوان هو: ديوان مقاومة بامتياز فلقد شارك فيه سبعون شاعرًا عربيًّا بسبعين قصيدة بمناسبة مرور سبعين عامًا على النكبة، وهي رسالة من أجل التشبث بحق العودة وتحرير الأرض. ويبقى الأمل بتحقيق النصر قائمًا ما قام الاحتلال، وأنّ الإيمان المطلق الراسخ بالحقّ ينغّص على المحتلّين احتلالهم، فليس لهم أن يعتقدوا يومًا بأنّ أصحاب الحقّ يمكن أن يتنازلوا في يوم من الأيّام عن حقّهم بترابهم المقدّس.
ويقول جرار: على المحتلّين ألّا ينسوا بأنّ أجراس الشعراء ستظلّ تقرع لإيقاظ العرب والمسلمين من جهة ولتذكير المحتلّين بأنّ زوالهم قادمٌ لا محالة مهما طال الزمن، لافتًا إلى أن هذا الديوان يأتي بعد ديوان "لن تسكت المآذن"، الذي صدر في العام 2018 ويشتمل على خمسين قصيدة، مبينًا أن زيادة عدد القصائد في كل دورة هو دليل على استمرار أصوات الشعر المقاوم وارتفاعها حتى تقضّ مضاجع المحتلّين. وهذه المجموعة وسابقاتها تصلح أن تكون مراجع أساسية للباحثين في الشعر العربي المعاصر، داعيًا أساتذة الجامعات وطلبة الدراسات العليا إلى أن يجعلوا من هذه الدواوين موضوعات لدراساتهم الأدبية والنقدية.
ويعتبر جرار هذه الأصوات الشعريّة من كلّ بقاع الوطن العربي الصادحة بالعودة والنصر وتحرير الأرض، ما هي إلّا إحدى المبشّرات المؤذنة بتحقيق هذا الحُلُم المقدّس والفرح القادم، وهي أصواتٌ تعرف طريقها إلى الآذان والقلوب والعقول، لأنّ الشعراء بما يملكونه من شفافية وبعد نظر من أقدر الناس على استشراف المستقبل والتقاط اللحظات المضيئة فيه ورصد القادم قبل حلوله، وهم المعبّرون الحقيقيّون عن وجدان الأمّة وضميرها، وما وجودهم في حياة الأمّة إلاّ دليلٌ على حيويّة الشعوب وقدرتها على البقاء والصمود ومواجهة كلّ التحدّيات والأخطار.
ويلفت جرار إلى أن غياب الشعراء عن أيّ مجتمع يجعل حياة الناس قاحلة وأرواحهم جافّة، فكيف إذا كان المجتمع غنيًّا بالشعراء الذين تنبض أرواحهم بحبّ الأوطان والحلم بالحريّة والكرامة والتقدّم، فلا شكّ حينئذٍ أنّهم يحافظون على حلم الأمّة حيًّا وروحها وثّابةً ترويها قصائدهم العذبة وكلامهم الرائق وتغذّيها رؤاهم الصادقة ونظرهم الثاقب.
يتابع جرار: الشعراء لا تخيب رؤاهم، وهذا هو سرّ ثقتهم العالية ونبرتهم الواثقة ويقينهم الجليّ القطعيّ بتحقيق الآمال، وهذا هو سرُّ ما تنبض به قصائدهم من عاطفة وصدقٍ وإيمان وحرارة، فكلّ حرفٍ من حروفهم وقافية من قوافيهم ما هو إلاّ جرسٌ يعلن اقتراب حلول الفرح والسعادة وتحقيق الأمل.
وعن دور الشاعر في الأمم الحيّة، يقول جرار: دورهم لا يقلّ عن دور أيٍّ من أصحاب الشأن إن لم يزد عليهم، ولا سيّما إذا كانت الأمّة تمرُّ بظروفٍ صعبة وتواجه محنًا وتحدّيات، فالشاعر بحساسيّته يستطيع أن يكشف مواطن الخلل والضعف والخطر في الأمّة فينبّه إليها ويدعو إلى معالجتها، ويستطيع أن يكشف مواطن القوّة في الأمّة فيستنهضها، ويحثّها على بقاء الأمل في النفوس والتغلّب على مشاعر الضعف والهوان.
ينوه جرار إلى دور مهم يقوم به الشعراء العرب وهو: مواجهة الخطر الصهيوني فهذا دورٌ لا ينكر، من خلال ما نراه من حثٍّ على الصبر والصمود والمقاومة، ومن خلال قرع أجراسهم التي تضمن بقاء الأمّة يقظة ومتنبّهة، ومن خلال تعبيرهم عن وجدان الناس وضمائرهم وتحريكهم لعواطفهم ومشاعرهم. وهم الذين يبشّرون الأمّة بالنصر والتحرير ويعلنون عودة الأرض إلى أهلها وعودتهم إليها بقصائدهم وأجراسهم وحناجرهم وأصواتهم الشجيّة المؤثّرة.
صاحب الجائزة د. أبو هليل يقول: "إن الديوان الذي يضم "70" قصيدة لِـ 70 شاعرًا عربيًّا، أكثر من نصفهم شعراء فلسطينيون في الوطن "من البحر إلى النهر"، والشتات مجسِّدًا الوحدة الفلسطينية والعربية التي لا تعترف بالحدود الوهمية ولا بالانقسامات، وهذه هي النسخة الرابعة من جائزة الراحل "يونس أبو هليل"، للتميُّز وهي جائزة سنوية مقدارها 1000 دينار أردني حيث أطلقتُها في 2015 عن روح والدي "رحمه الله"، وقد شارك فيها حوالي "200"، شاعر، وتأهل منهم "70"، هي هذه القصائد السبعون التي يضمّها الكتاب.
ويشدّد أبو هليل على أن القضية الفلسطينية تمرّ في الوقت الحالي بمنعطف تاريخي، وحق العودة يتعرض بشكل خاص إلى هجوم ضارٍ من العدو الصهيوني ومن يساندونه في إطار ما يسمى "صفقة القرن"، "خطة الضم"، يأتي هذا الجهد المتواضع كأضعف الإيمان في المقاومة الثقافية التي أصبحت فرض عين على كلّ أديب عربي، شكرًا د. صلاح جرار الذي قام بكتابة مقدمة للديوان، وإلى لجنة التحكيم والمراجعة اللغوية، والمشاركين جميعهم.