نبض البلد -
لنتفق في بداية الأمر بأنني لست من النوع الذي يفضل كتابة المديح بحق أي مسئول حكومي بغض النظر عن رتبته الوظيفية ومكانته الاجتماعية , لكن ما رأيته من الحكومة الحالية يستدعي مني وبنوع من الأمل المحفوف بالمخاطر أن أكتب رأي عن الحكومة الحالية التي تختلف بنظرتي الخاصة للأمور عن سابقاتها , وأنا أعلم كل العلم بأنه رأي مبكر للبت فيه لكن الأمل والأمل فقط هو من دفعني لإبداء رأي الذي لربما يكون مصيبا أو خاطئا أو ليس مهما بالأصل , وأعانني الله على ما سأكتب لو فشلت هذه الحكومة في تحقيق ما أمله من التغيير المنتظر منها في السنوات الأربع القادمة إن تحصلت على ثقة المجلس النيابي المنتخب حديثا .
إن أخطر ملف يواجه الأردن في الفترة الحالية هو ملف " كورونا " الذي فشلت فيه الحكومة السابقة في أيامها الأخيرة على أقل تقدير بعدما نجحت نجاحا باهرا أثنى عليه القاصي والداني بمواجهته في بداية الجائحة, لكن بعد قدوم حكومة الخصاونة لمسنا تغييرا واضحا في التعامل مع الملف بدءا بتشكيل فريق جديد لمواجهة جائحة كورونا لإنشاء مركز وطني لمكافحة الأوبئة والسيطرة عليه بقيادة الأمين العام شؤون الأوبئة والأمراض السارية في وزارة الصحّة الدكتور وائل الهياجنة , مرورا بإنهاء الجدل الذي كان حاصلا بما يتعلق بالحظر الجزئي من دونه والتخبط في القرارات الحكومية للحكومة السابقة بشأن هذا القرار وغيره من القرارات , وذلك بإقرار الحظر الجزئي لنهاية العام وتقليل ساعات الحظر بما يتواءم مع الحالة الوبائية للبلاد , وانتهاءً بإنشاء ثلاثة مستشفيات ميدانية في المملكة للمساعدة على احتواء إصابات كورونا التي تلزم الدخول للمستشفى وأيضا افتتاح مركز البشير للعناية الحثيثة لاستقبال مرضى الفيروس بسعة 70 سريرا , وتعيين عددا من الأطباء والممرضين والكوادر الصحية الضرورية لمواجهة أزمة كورونا .
الشق الأخر من ملف "كورونا" الذي تواجهه الحكومة الحالية هو الشق الاقتصادي الذي تأثر هو الآخر بشكل منقطع النظير من الجائحة , وقد قامت الحكومة بعدة قرارات للتخفيف على المواطن ومن أهمها قرار البنك المركزي الأردني تمديد العمل بقرار تأجيل أقساط القروض المستحقة على القطاعات والأفراد المتضررين من جائحة فيروس كورونا حتى 30 يونيو/حزيران المقبل وذلك بعد مطالب شعبية وبضغط حكومي لإصدار القرار , ليأتي بعد ذلك إيعاز وزير المياه والري الدكتور معتصم سعيدان لجميع إدارات وشركات المياه بإيقاف جميع عمليات الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمواطنين نتيجة تراكم أثمان المياه إلى إشعار آخر , ولن أنسى قرار وزير العمل ووزير الدولة لشؤون الاستثمار معن القطامين بتعليق تقديم الكفالات البنكية أو العدلية لإصدار التصاريح للعمال غير الأردنيين إلى إشعار آخر لغايات التسهيل على القطاع الخاص، ولمساعدته وللتخفيف من الأعباء المالية المترتبة عليه جراء جائحة كورونا .
ولن أتغافل عن تعامل الحكومة الجديدة مع وسائل الإعلام التي كان شعارها منذ أول مؤتمر صحفي لها بأنها تعمل على مبدأ الشفافية والوضوح في نقل المعلومة والإجابة عن أغلب الأسئلة والاستفسارات من قبل الوزراء وهذا ما لحظناه كصحفيين وإعلاميين أو ما لاحظته على الأقل بشكل شخصي في تعاملي المباشر مع الوزراء الذين صادفتهم في عدة لقاءات على أرض الواقع , وأن أهم ما يؤكد شفافية هذه الحكومة هو قراروزير العمل الأخير برفع الحظر عن متابعي الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي واستقبال الشكاوي والملاحظات دون استثناء مع مراعاة التقيد بأحكام القانون .
هذه القرارات وغيرها من القرارات الايجابية لحكومة بشر الخصاونة ارتأت مني كتابة ما أسلفت سابقا متغاضيا من مبدأ أن الكمال لله وحده عن السلبيات التي ارتبطت في هذه الحكومة وبالتحديد ملف " الانتخابات النيابية" التي شابها العديد من الأخطاء الجسيمة والتي عولج بعضها بشكل فوري , منتظرا وحالما ومستبشرا وما الضير في ذلك بأن تكون هذه الحكومة ولو بشكل نسبي هي طوق النجاة الذي يتمسك به المواطن الأردني للخروج من الأزمات التي لحقته على مر السنين جراء القرارات الغير المدروسة والهادمة لطموح الأردنيين من قبل الحكومات المتعاقبة .