الدكتور محمد طالب عبيدات

محمد عبيدات يكتب : خروقات ومخالفات ما بعد الإنتخابات

نبض البلد -
نبض البلد -
وصف جلالة الملك حفظه الله تعالى المشاهد المؤسفة التي شاهدناها كمظاهر إحتفالية ما بعد الإنتخابات النيابية وظهور النتائج الأولية بأنها "خرق واضح للقانون وتعدّ على سلامة وصحة المجتمع؛ ولا تعبّر عن الوعي الحقيقي للغالبية العظمى من مواطنينا في جميع محافظات الوطن الغالي"؛ فكانت خروقات ومخالفات قانونية وغير صحية لا يمكن السكوت عليها؛ حيث كانت خرقاً لقرارات قانون الدفاع في الحظر الشامل؛ وكانت مظاهر لحرب بالأسلحة الأوتوماتيكية كعنوان لإحتفالات تخلّف دون وعي مجتمعي؛ وكانت مصيبة بحق الوطن من حيث الملف الصحي وإنتشار الفايروس بسبب التجمعات غير المقبولة أبداً والتي ستؤول لقنبلة موقوتة بعد أسبوع من حضانة الفايروس لننتقل من الإنتشار المجتمعي إلى الموت بالشوارع -لا سمح الله تعالى-؛ وكانت أيضاً تعدّي على حقوق عشرة مليون أردني ملتزمين بالحظر في مختلف مناطق المملكة؛ وكانت مظاهر غير حضارية لإحتفالات مناصري الناجحين وإحتجاجات بعض الذين لم يحالفهم الحظ:
١. فيديوهات الإحتفالات التي شاهدها الأردنيون بعد إنتهاء الفرز للإنتخابات النيابية كانت صادمة ومحزنة لأن فيها مظاهر خروقات لقانون الدفاع والحظر الشامل وبأعداد مذهلة وفوضويّة وتشكّل خطراً على سلامة وصحة المواطنين في زمن جائحة كورونا التي باتت تهدد حياة الناس جميعاً؛ ولذلك فالمخالفات التي تمت جريمة نكراء بحق الأردنيين جميعاً ومخالفة قانونية ومن المتوقع أن تظهر آثارها قريباً على إنتشار مذهل لأعداد إصابات فايروس كورونا.
٢. كما أن فيديوهات الإحتجاجات والخطابات وحرق الإطارات والتظاهرات التي صدرت عن بعض مناصري بعض المترشحين الذين لم يحالفهم الحظ بالنجاح كانت بنفس السوء والسلبية من حيث التجمعات التي تشكّل بؤراً لإنتشار فايروس كورونا وفيها تعدّي أيضاً على قانون الدفاع والقرار الحكومي بالحظر الشامل وإنتهاك لسيادة القانون وهيبة الدولة على السواء.
٣. المظاهر الإحتفالية والإحتجاجية كانت بأمانة غير آبهة
بهيبة الدولة أو سيادة القانون؛ وهذا نموذج غير حضاري من مواطنين يفترض أن يلتزموا بالدستور وبالمواطنة والقوانين المرعية؛ ويؤشر أيضاً لضرورة أن تقوم الدولة بفرض هيبتها من جديد من خلال التطبيق الصارم للقانون ومحاسبة كل مخالف ونبذ كل مظاهر الواسطة والمحسوبية.
٤. وأعجب دوماً لماذا لا يتم ذلك بإستباقية من الحكومة والأجهزة المعنية إلّا بعد أن يتنبّه وينبّه لذلك جلالة سيدنا حفظه الله ورعاه؛ فاليوم وصف جلالته "المظاهر المؤسفة التي شهدناها من البعض بعد العملية الانتخابية، خرق واضح للقانون، وتعد على سلامة وصحة المجتمع، ولا تعبر عن الوعي الحقيقي للغالبية العظمى من مواطنينا في جميع محافظات الوطن الغالي"؛ مما حدا بالحكومة بالتحرّك لفرض هيبة الدولة وتدخّل الجيش العربي الباسل لجانب أجهزتنا الأمنية المظفرة لغايات صيانة سيادة القانون وفرض هيبة الدولة.
٥. نحن دولة قانون ويفترض أن يطبق القانون على الجميع بالتساوي ولا إستثناء لأحد؛ ولذلك يفترض أن تقوم الأجهزة الأمنية والحاكمية الإدارية بمحاسبة كل المخالفين وحتى النواب الجدد المخالفين للقانون لمحاسبتهم على أفعالهم غير الحضارية والتي لا تحترم سيادة القانون بشيء؛ وتجرّم كل أنواع الواسطات والمحسوبيات ولا تقبل أي خلل في هذه المنظومة.
٦. إنتشار الجيش مؤشر ورسالة لفرض هيبة الدولة وسيادة القانون ومساعدة للأجهزة الأمنية في ذلك؛ فالأردنيون يحترمون الجيش والمنظومة الأمنية وفِي ذات الوقت مطلوب منهم أن تكون الرقابة على سلوكياتهم ذاتية لأنه لا يعقل أن يكون هنالك شرطي لكل مواطن لمراقبته ومحاسبته.
٧. المؤسف حقاً أيضاً أن نرى معظم المخالفين للقانون والمشاركين في مظاهر الإحتفالات والإحتجاجات المخالفة للقانون هم من جيل الشباب الذين يفترض أن يكونوا صنّاع الغد وأدوات التغيير لا الفوضى أو مخالفة القانون؛ وهذا يُؤشّر لضرورة إعادة تربية هذا الجيل على ثقافة القانون من خلال الأسرة والمدرسة والجامعة والمنابر الدينية والشبابية والثقافية على السواء.
٨. إستقالة وزير الداخلية على أثر هذه المظاهر الإحتفالية والإحتجاجية للأمانة تسجّل له على سبيل المسؤولية الأدبية؛ وإن كان من المفروض وجود خطط إستباقية وإحترازية لمنع ذلك من قبل كل الجهات العاملة مع والداعمة للهيئة المستقلة للإنتخاب.
٩. مطلوب فرض هيبة الدولة فوراً وبإستدامة وليس على سبيل الفزعة أو ردات الأفعال فقط؛ مطلوب جمع كل المخالفين وتجريمهم بالعقوبات اللازمة؛ ومطلوب محاسبة النواب المخالفين وأنصارهم؛ ومطلوب فرض سيادة القانون على الجميع وتجريم الواسطة والمحسوبية.
بصراحة: الوطن لم يعد يحتمل مهاترات صبيانية تُفسد نجاح المشهد الإنتخابية والإستحقاق الدستوري؛ وفرض هيبة الدولة بات واجب يجب أن تقوم به أجهزة الدولة اليوم قبل الغد وبإستدامة ودون هوادة أو محاباة لأحد وفق التوجيهات الملكية السامية؛ ولنا في تغريدة وتوجيهات جلالة الملك على التويتر وتوجيهاته لدولة الرئيس نموذج يحتذى على سبيل تعزيز دولة القانون والمؤسسات.