نبض البلد -
نبض البلد -الأردن مقبلة على مرحلة مختلفة في ضوء المتغيرات التي تجري على الساحة الخارجية، أو تلك المتعلقة بالاستحقاقات القادمة وتحديداً إجراء الانتخابات النيابية، وهذا يستدعي إعادة النظر في الكثير من المعطيات التي كانت تحدد إدارة الملفات المحلية والخارجية، وهذا من الصعب تحقيقه في ظل حالة التوهان الحكومية والشعبية جراء الوضع الاقتصادي الصعب للدولة والناس نتيجة جائحة كورونا التي عصفت بأقوى اقتصاديات العالم.
تحولات جيوسياسية تشهدها المنطقة، التطبيع مع إسرائيل، القضية الفلسطينية، الملف الإيراني، التحرك التركي، كل ذلك يحتم على الأردن إعادة التموضع من جديد وفق قاعدة تقليل الخسارة والإبقاء على التأثير العربي والإقليمي والدولي.
أما على الصعيد المحلي، فإن الحكومة وبإجماع شبه مطلق قد استنزفت حقها في البقاء في الدوار الرابع، وهي حكومة شكلت علامة فارقة في تاريخ الأردن جراء الملفات الشائكة التي تعاملت بها، بطريقة لم ترضِ أحداً، فزادت نقمة الناس عليها، وتوسعت فجوة الثقة بينها وبين الشارع، فهي من أقرّت قانون الضرائب، ودخلت في أزمة مع المعلمين، ولم تكمل سلسلة نجاحاتها في إدارة جائحة كورونا، ولم تحقق خرقاً يذكر في الوضع الاقتصادي للأردن، ولم تحارب الفساد بصورة مثالية، كما لم تفعل شيئاً إزاء تطوير السياحة والتعليم والصحة والنقل، والصناعة، كما أنها حملت شعارات وهمية للنهضة والتقدم.
اليوم، وبعد تأكيد جلالة الملك على أن الانتخابات النيابية استحقاق دستوري، وهي ستجرى بعد نحو شهرين من الآن، فإن التحدي الأكبر يتمثل في إقناع الناس بضرورة التوجه لصناديق الاقتراع والمشاركة الفعلية في الانتخابات. كيف سيكون ذلك وعلاقة الحكومة والشعب في أدنى مستوياتها.
إن استمرار بقاء الحكومة الحالية لمزيد من الأيام أو الأشهر لن يشكل فارق في إنجازاتها ، فهي لا تنتظر إغلاق ملفات معينة، كما أن مشروعها النهضوي يحتاج إلى سنوات وسنوات حتى يظهر على أرض الواقع، إن هي أرادت العمل بجدية.
الكثير من المواطنين والخبراء يرون أن لا ضير في أن تبقى حكومة الدكتور عمر الرزاز، لأن القادم لن يكون أفضل حالاً في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها المملكة، وأن رئيس الوزراء المقبل مهما كان مقبولاً لدى الشارع فإنه لن يحدث فرقاً، ولن يتمكن مفرده دون أدوات تساعده على تحقيق تقدم للأردن في كافة المجالات.
هذه وجهة نظر منطقية، وفي محلها، فأشد المتفائلين لا يتوقعون معجزة إلهية بأن تأتي إليهم برئيس وزراء وفريق حكومي ينتقل بالمملكة إلى مرحلة جديدة تواكب التقدم العالمي، لكن لا يمكن التقليل من أهمية الاستحقاق الدستوري المقبل، والعرس الديمقراطي الذي ينتظرنا خصوصاً وأنه سيجرى في ظل تحديات كبيرة على رأسها تفشي فيروس كورونا، وقرار الحكومة بالتعايش معه تحت أي ظرف من الظروف حفاظاً على الاقتصاد الأردني.
ولأنّه لا يجب التقليل من أهمية هذا الاستحقاق، ولأن الهدف الأسمى هو تحفيز الناس للمشاركة بالانتخابات، فهذا لا أعتقد أنه سيكون دون مغادرة الحكومة للدوار الرابع، مع وجود رئيس جديد حتى وإن كان مؤقتاً وبهدف إجراء الانتخابات.
عامان وبضعة أشهر مرت على عمر حكومة الرزاز، لها ما لها، وعليها ما عليها، لكن الواقع يقول أن التغيير بات ضرورة ملحة في المرحلة الحالية.