رسالة من قلب بكين.... جائزة نوبل للسلام بنسختها الصينية الجديدة مناصفة بين الزعيمين "السيسى" و "شى جين بينغ"

نبض البلد -

بقلم: د.نادية حلمى

لم يكن إختيارى الدقيق لعنوان ولا توقيت هذا المقال عبثياً ولا من فراغ، بل أننى قد تعمدت أن أتوقف عن الكتابة تماماً لفترة طويلة تتجاوز الشهر تقريباً من أجل أن أجمع حولى وأحشد كل من باتوا ينتظرون بشغف أن أكتب أو أقول شيئاً جديداً عن الصين. بل وتأتى أهمية هذا المقال تحديداً وفى هذا التوقيت بعد "دعوة رسمية" تلقيتها من العاصمة الصينية "بكين"، فكتبت حينها للجانب الصينى الرسمى، ولدى حضورى ندوة علنية فى المركز الثقافى الصينى بالقاهرة بأننى أرغب فى ترشيح الرئيس "شى" لجائزة نوبل للسلام. بل وأعلنت قبلها وأرسلت "رسائل شفهية" لأطراف مختلفة بأننا يجب أن "نمهد الطريق" لطرح إسمى "شى و "السيسى" للحصول على تلك الجائزة مناصفةً بينهما.

وقبل أن يندهش أو يتوقف البعض إزاء هذا الطرح، فأنا أقول وأؤكد أننا كشعوب نامية من حقنا أن يكون لنا وقفة أمام الغرب وواشنطن والعالم، وأن نختار وأن ندافع عن إختياراتنا، فالرئيس الأمريكى "ترامب" نفسه قد طرح إسمه منفرداً للفور بجائزة نوبل للسلام، بعد تصوره أنه قد نجح فى إرساء جهود السلام بين الكوريتين، وأنه بلقائه بالزعيم الكورى الشمالى "كيم جونغ أونغ" قد إستحق عن جدارة طرح إسمه لهذا الفوز.

وأنا قد قررت أيضاً بان أثير دهشتكم أكثر بأن أطالب الصين والحكومة الصينية والرئيس الصينى "شى جين بينغ" وقيادات الحزب الشيوعى فى بكين بعمل (جائزة موازية) على غرار جائزة نوبل، وعلى غرار "مشروع مبادرة الحزام والطريق الصينية" التى ألتف حولها العالم أجمع، بعنوان: "جائزة شى للإبداع والإبتكار" أو "جائزة شى للمصير المشترك للبشرية" أو "جائزة شى للتنمية" أو "جائزة رابح - رابح للزعيم شى" أو "جائزة شى لدعم مبادرة الحزام والطريق حول العالم".... نعم أياً كانت تلك المسميات التى ستندرج حولها تلك الجائزة الصينية الدولية الجديدة، والتى أتوقع أن تستمع وتنصت لى أصوات القادة الصينيين وقيادات الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين لإدراجها فى القريب العاجل والإعلان عنها دولياً، نعم.... فمن حقنا اليوم كدول نامية أن نمارس ضغوط على الغرب فى إختيار من يمثلنا لنيل تلك الجائزة أو تلك بعيداً عن تلك الحسابات السياسية الدولية الغربية المعقدة. وأنا شخصياً أعتقد أن جائزة نوبل الصينية بنسختها الجديدة ستكون أكثر مصداقية لدى العالم، لأنها ستكون نابعة من دولة نامية كبيرة بحجم الصين، توجه جهودها بالأساس لخدمة قضايا التنمية والسلم والأمن فى أفريقيا والعالم، وفقاً لمبدأ الرئيس "شى" المعروف بــ "رابح - رابح" فالجميع سيربحون لا محالة، بل وستلتف حول تلك الجائزة الصينية أصوات الضعفاء والعالم، لأن أعداد الدول النامية يفوق بكثير أعداد الدول الغربية.... لذا، فالجائزة الصينية الجديدة سيكون لها بريق أكثر لدى شعوبنا النامية الفقيرة.

 

فنحن جميعاً شهدنا ولعقود طويلة، بأن جوائز نوبل خاصةً فى مجالى الأدب والسلام وربما أيضاً الإقتصاد تخضع لإعتبارات سياسية معقدة. ولعل ذهاب جائزة نوبل للسلام يوماً ما للمعارض الصينى الراحل "ليو شياوبو" هو خير دليل على "تسييس تلك الجائزة" لضرب مصالح الصين وممارسة ضغوط إستفزازية عليها.



وأنا قد قررت أن أكتب أنا بنفسى عن فكرتى بطرح إسمى "السيسى" و "شى" للفوز بجائزة نوبل للسلام مناصفةً بينهما، وأن أعلن عن ذلك بنفسى لجملة من الأسباب، أوردها كالآتى: فبصفتى - متخصصة فى الشأن السياسى الصينى - ووجه معروف فى القاهرة لدى جميع وسائل الإعلام العربية والصينية والأجنبية، بل وصديقة مقربة لدى عدد كبير من الدبلوماسيين الأجانب فى القاهرة، وأستاذة جامعية فى مجال العلوم السياسية وتحديداً السياسة الصينية والآسيوية معروفة فى محيطى، لذا فأعتقد أن طرحى ربما سيأخذ مصداقية أكبر لدى الجميع، خاصةً وأننى قد وضعت خطة زمنية محددة لترجمة هذا المقال ونشره بعدة لغات، وإرسال نسخة منه إلى جميع وزارات خارجيات الدول الأجنبية المعنية، بل وعمل مقابلات مع وسائل إعلام غربية ودبلوماسيين أجانب لشرح وطرح فكرتى ووجهة نظرى على هذا النحو..... نعم، لقد طلبت من أصدقائى الصينيين بأن يكون لنا وقفة كمجتمعات نامية كبيرة، وبألا يقتصر أمر ترشيحنا لجوائز من الغرب، بل يجب أن نختار نحن بأنفسنا من يمثلوننا دولياً.

 

وأنا شخصياً أعتبر أن إختيار كلاً من "السيسى" و "شى" لجائزة نوبل للسلام سواء بنسختها الغربية، أو بنسختها الصينية الجديدة، ستمثل فرصةً حقيقيةً لسماع أصوات العالم النامى، خاصةً مع ترأس مصر والرئيس "السيسى" للإتحاد الأفريقى بدورته الحالية عام 2019، فضلاً عن جهود الرئيس السيسى" فى ملفات "تحقيق التنمية" و "مكافحة ومحاربة الإرهاب والتطرف" و "الإهتمام بقضايا المرأة والشباب" وحرص سيادته على عمل "مؤتمرات دولية دورية للشباب"... ربما لم تواتينى الفرصة - حتى هذه اللحظة - للمشاركة فى أياً منها، إلا أننى كلى ثقة بأننى سأتواجد فى أحد مؤتمراتها القادمة.

 


وربما أيضاً جاء حرص الرئيسيين "السيسى" و "شى جين بينغ" على "إسترضاء الناس"، وهو التعبير الصينى الموجز الرائع الذى أثار إعجابى بشدة، والذى إستخدمه لاحقاً الرئيس "شى" خلال أحد خطاباته فى إحدى مؤتمراته، وتحديداً أثناء لقائه الأول مع الصحافيين الصينيين والأجانب بعد المؤتمر الوطنى الثامن عشر للحزب الشيوعى الصينى. فأنا قد قرأت منذ فترة النص الصينى المعنون: "التخلص من الفقر- المهارات الأساسية للكوادر"، وتوقفت كثيراً عند صياغة أن "الزعماء والكوادر ترتبط بالجماهير إرتباطاً وثيقاً". وتأملت بعمق تحليلى شديد عبارة "مفتاح تصحيح أمور الحكم هو إسترضاء الناس، وطريقة إسترضاء الناس هى فهم معاناتهم وآلامهم". وأعتقد أن طريقتا الرئيسان "شى" و "السيسى" فى "إسترضاء الناس" هى الغالبة على فترتى حكمهما.

وقد أكد الرئيس "شى جين بينغ" صراحةً فى خطابه على أن: "طريقة إسترضاء الناس بأنها هى فهم معاناتهم وآلامهم"، وإذا إكتفينا فى خدمة الشعب بالقول وحده، فلن نتمكن من فهم معاناته على مستوى العمل، وإذا إكتفينا بكتابة شعارات الإهتمام بمعيشة الشعب على الوثائق فقط، فلن يفيد ذلك فى تحسين معيشة الشعب على مستوى صنع السياسات، ولن نستطيع إدراك ما يعانيه الناس وما يقلقهم، ولن يتسنى لنا سوى منحهم منفعة شفهية لا تمت إلى الواقع بصلة، فكيف نتحدث عن إستقرار الشعب وإصلاح الحكم؟، ناهيك عن الفوز بقلوب الناس؟، طالما أننا نتفهم معاناة الشعب، ونتعامل معها بشكل سليم، ستكون "إزالة معاناة الشعب، كإزالة أمراض القلب المتوطنة"، طالما أننا نستطيع حقاً تمثيل مصالح الشعب الأساسية، سنكون قادرين على جذب وتوحيد ملايين وملايين من الجماهير من حولنا، وتجميع القوة الهائلة اللازمة لبناء البلاد وإزدهار الأمة.




بهذه العبارة السابقة التى لخص بها الزعيم "شى" طريقة "إسترضاء الناس" والتى تنطبق تماماً على جميع خطابات الرئيس "السيسى" السابقة والحالية وفى جميع المناسبات المختلفة الداخلية والخارجية، والتى أعتبرها - على المستوى الشخصى - واحدة من أكثر العبارات التى قد إستوقفتنى إعجاباً وإدهاشاً بل وفخراً، مع إصرارى على الإستماع لها عدة مرات، لأنها كانت من أكثر العبارات مغزى وإستماعاً وإنصاتاً وعمقاً فى عقلى وضميرى ووجدانى فى الفترة الأخيرة.



مع ضرورة تأكيدى بأن الرئيس "شى" لم يكتفى بإسترضاء الناس وشعبه داخلياً، بل أنه قد فعلها على مستوى جميع بلدان ودول العالم من خلال مبادرته العالمية للحزام والطريق، مع تأكيد "شى" على أنه بصدد تحويل مبادرة "الحزام والطريق" إلى (6 طرق)، قائلاً بالنص فى أحد خطاباته:


(علينا أن نحْدث من هذه المنصة الجديدة للتعاون، قوة دفع جديدة للتنمية المشتركة. ونبنى من "الحزام والطريق" طريق السلام، طريق الإزدهار، طريق الإنفتاح، طريق الصداقة للبيئة، طريق الإبتكار وطريق الحضارة)




ومن هنا، فأنا قررت ألا أطيل عليكم هذه المرة لأننى أعتقد أن الفكرة قد وصلت تماماً للجميع، كما أننى أراهن أن هناك من يدرسها الآن، بل وهناك من أضحى يهتم بها ويحلل طرحها على هذا النحو السابق، ومن هنا، فإن خلاصة كلامى، بأن القياديتين المصرية والصينية "السيسى" و "شى" يستحقان عن جدارة جائزة نوبل للسلام مناصفةً سواء بنسختها الغربية، أو بنسختها الصينية الجديدة، لجملة من الأسباب المشتركة، أوردها بإختصار بأنها: إهتمامهما الشديد بقضايا التنمية وبإسترضاء الناس، ومعالجة الشئون الأفريقية، وإيصال الصوت الأفريقى الضعيف إلى العالم، والتمسك فى الوقت ذاته بطريق الإنفتاح والتعاون والفوز المشترك للجميع، وقوفهما بحزم ضد الإرهاب والتطرف والإنفصالية، تأكيدهما المشترك على صناعة نموذج لمجتمع المصير البشرى المشترك وفقاً لمبدأ رابح - رابح فالجميع رابحون لا محالة بعيداً عن تلك المصالح السياسية الضيقة المحدودة، التضامن مع الشعوب الأفريقية والنامية، والعمل سوياً من أجل مستقبل أفضل، والأهم هو العمل سوياً ومع الجميع تحت شعار بأنه "لا مستقبل لمن يحبس نفسه في جزيرة معزولة".

 


وبذلك يستحق كلاً من "السيسى" و "شى" جائزتى نوبل للسلام مناصفةً بينهما لعملهما سوياً على "إسترضاء الناس" داخلياً وخارجياً، وهو ما لم يدركه أياً من قادة الغرب المنكفئين دوماً على ذاتهم والذين يعملون دوماً فى أوطاننا النامية وفقاً لمبدأ "المشروطية السياسية ووضع شروط نظير مساعدتنا" و ليس العمل وفقاً لمبدأ "رابح - رابح"، وهى نفسها المبادئ الذى شدد عليها الزعيمان "السيسى" و "شى".... وفى إنتظار تعليقات سيادتكم.