نبض البلد - دولة الرئيس
حضرات الأعيان المحترمين،
لقد سعت هذه الحكومة منذ تكليفها من قبل جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه الى السير بخطى راسخة لتحقيق تطلعات رؤية التحديث الاقتصادي ومواصلة تحقيق النمو ورفع مستوى المعيشة.
ولقد بنيت موازنة عام 2026 على ركائز أساسية تتضمن تسريع وتيرة تنفيذ مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي، وتوجيه الانفاق لدعم محركات النمو التي حددتها الرؤية، وترسيخ توجهات السياسة المالية للحفاظ على الاستقرار المالي وعدم تحميل الأجيال القادمة عبء أي قرارات غير حصيفة، وتعزيز الطابع التنموي للموازنة العامة، وتعزيز متطلبات الحماية الاجتماعية للمواطنين، والنهوض بقطاع التعليم لتمكين شبابنا من تلبية متطلبات العصر، وتعزيز الرعاية الصحية لتحسين جودة الحياة وتمكين المواطن من المساهمة بفاعلية في البناء والعطاء.
واذ تُقدر الحكومة ما أشارت اليه اللجنة المالية والاقتصادية الموقرة حول جهود الحكومة في تنفيذ مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي، لتؤكد لمجلسكم الكريم على أن أولوية الحكومة في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 تتمثل في ترجمة المشاريع المرتبطة بالمرحلة الثانية لرؤية التحديث الاقتصادي الى واقع يشعر المواطنون بنتائجه وآثاره، وهذا ما سيلمسه المواطنون من خلال المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي سيتم البدء بتنفيذها مطلع العام المقبل، حيث حرصت الحكومة على توفير المخصصات المالية للمساهمة في تنفيذها بالشَّـراكة مع القطاع الخاص، وسيتم إنجازها واستكمالها خلال الأعوام 2028 – 2030 ان شاء الله.
وفي هذا الإطار، تتضمن المشاريع الاستراتيجية الكبرى مشروع الناقل الوطني للمياه، وسكة حديد العقبة – الشيدية / معان – غور الصافي، وخط غاز الريشة، ومشاريع في قطاعات النقل العام والصحة والطاقة، والبنى التحتية، تصل قيمتها الاستثمارية لأكثر من 10 مليارات دولار معظمها استثمارات خارجية؛ علماً بأن الحكومة خصصت نحو 250 مليون دينار لمشروع الناقل الوطني خلال الاعوام 2025-2028، واتخذت حزمة من القرارات الهامة للسير في إجراءات تنفيذ المشروع تتضمن منح الحوافز والاعفاءات والتسهيلات الضرورية. كما قامت الحكومة بتخصيص نحو 100 مليون دينار للأعوام الثَّلاثة المقبلة لمشروع غاز الرّيشة. وتسعى الحكومة لإنجاز المراحل النهائية من توقيع الاتفاقيات والإغلاق المالي وطرح عطاءات الجزء الأكبر من هذه المشاريع العام المقبل.
وتجدر الاشارة الى ان مخصصات المشاريع الرأسمالية المقدرة بنحو بمليار و600 مليون دينار سيكون لها اثار تحفيزية على كافة القطاعات الاقتصادية، منها قرابة 400 مليون دينار لمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي.
كما سيتم تنفيذ مشاريع كبيرة في الصحة والتعليم، تشمل إقامة 191 مشروعاً لوزارة التربية والتعليم منها 71 مشروعاً لإقامة مدارس جديدة في مختلف محافظات المملكة. كما تم تخصيص مبلغ 71 مليون دينار للمشاريع الرأسماليَّة في قطاع الصحة لإنشاء مستشفيات ومراكز صحية جديدة، وتوسعة أخرى قائمة في مختلف المحافظات، علماً بأننا بدأنا تنفيذ أول مستشفى بالشراكة مع القطاع الخاص، والمتمثل بمستشفى مأدبا الحكومي، الذي سيكون نموذجاً لغيره من المشاريع المستقبلية التي تقام بالشراكة مع القطاع الخاص.
دولة الرئيس
حضرات الأعيان المحترمين،
في الوقت الذي استعرض فيه تقرير اللجنة العديد من الايجابيات التي اتسم بها مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 فقد اشار التقرير الى ضرورة وضع تقديرات أكثر واقعية عند إعداد الموازنة، وتعزيز أنظمة الرقابة المالية وإدارة المال العام، بما يحقق أعلى درجات الانضباط المالي والالتزام ببنود الموازنة.
وفي هذا المجال ارجو ان اؤكد لمجلسكم الكريم ان الحكومة حرصت على الواقعية في وضع فرضيات الموازنة وتقديرات النفقات والايرادات. فكما تعلمون، وعلى الرغم من التراجع الطفيف في الإيرادات عن مستوياتها المقدرة لعام 2025 لأسباب متصلة بتطورات الإقليم في شهر حزيران الماضي، فقد تمكنت الحكومة من الحفاظ على مستوى عجز الموازنة المستهدف في قانون الموازنة العامة لعام 2025 وتجنب المزيد من الاقتراض والارتفاع في خدمة الدين. مؤكداً لذواتكم أن الحكومة تبنت ذات النهج الواقعي في تقدير الإيرادات المحلية في مشروع قانون موازنة عام 2026.
ومن جهة أخرى، ارجو ان أشدد على ان تقدير النفقات في مشروع موازنة عام 2026 اتسم بالانضباط التام حيث ارتفعت النفقات الجارية بنحو 5.1 % عن إعادة التقدير لعام 2025، وهذا المعدل يقارب معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وإذا ما تم استبعاد النمو في رواتب العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين، تنخفض هذه النسبة الى 2.5%.
دولة الرئيس
حضرات الأعيان المحترمين،
وفي معرض ملاحظات تقرير اللجنة المالية والاقتصادية حول الرقابة على إدارة المال العام، أرجو أن أؤكد على أن آلية تنفيذ الموازنة وصرف المخصصات المالية تخضع إلى إجراءات تدقيق محكمة من قبل وزارة المالية ودائرة الموازنة العامة والتحقق من عدم تجاوز سقوف الانفاق المقدرة في قانون الموازنة العامة، ويخضع للرقابة من قبل ديوان المحاسبة.
واما بخصوص المستحقات غير المدفوعة المشار اليها في تقرير اللجنة المالية والاقتصادية فهي مرتبطة بالتزامات سابقة على كلف الطاقة والأدوية والمعالجات الطبية لغير المؤمنين صحياً، وقد تم مؤخراً تسديد مبلغ 320 مليون دينار من قيمتها المتراكمة عبر سنوات سابقة لصالح شركات الادوية والمستشفيات الجامعية ومؤسسة الحسين للسرطان ومصفاة البترول وشركات المقاولات، وسوف تستمر الحكومة بتنفيذ خطتها للحيلولة دون تراكم المزيد من المتأخرات خلال الاعوام القادمة.
دولة الرئيس
حضرات الأعيان المحترمين،
وبخصوص ما أشار إليه تقرير اللجنة المالية والاقتصادية حول عدم اتخاذ الحكومة خطوات جادة لإعداد موازنات موجهة بالنتائج رغم توصيات اللجنة المالية والاقتصادية المتكررة، أرجو الإشارة إلى ان الحكومة تبنت مؤخراً عدداً من الإجراءات الهادفة الى تعزيز منهجية الموازنة الموجهة بالنتائج لربط الإنفاق العام بنتائجه، حيث تم اجراء نقاش موسع مع الوزارات والدوائر الحكومية لتحديد الأولويات ووضع المخصصات المناسبة لها. كما تم تضمين قانون الموازنة العامة بيانات ومعلومات حول سياسات واولويات الدوائر والوحدات الحكومية والنتائج المستهدفة، والاجراءات والبرامج والانشطة المرتبطة بالأولويات. ورغم ذلك، فان تفعيل هذه المنهجية على النحو الذي تطمح اليه الحكومة ومجلسكم الموقر يتطلب إيجاد فسحة مالية في الموازنة لتمكين الحكومة من إعادة هيكل النفقات حيث تشكل النفقات الجارية 88 % من اجمالي الانفاق، تشكل فيها رواتب العاملين والمتقاعدين وفوائد الدين العام الجانب الأكبر من هذه النفقات.
دولة الرئيس
حضرات الأعيان المحترمين،
وإذ تثمن الحكومة عالياً توصية اللجنة الموقرة حول ضرورة مصارحة المواطنين بما يمكن للحكومة تقديمه مالياً واقتصادياً، لتؤكد على انها تبنت نهج الانفتاح وإظهار الحقائق في اعداد الموازنة وتنفيذ برامجها وسياساتها. وفي هذا الإطار أؤكد هنا على توجيهات دولة رئيس الوزراء بالنظر برفع الرواتب مع اعداد موازنة عام 2027. كما تقوم الحكومة بنشر البيانات المالية بما يظهر الأوضاع المالية والاقتصادية بشفافية كاملة. ولم تسعَ الحكومة الى تقديم وعود أو افتراض سيناريوهات مالية واقتصادية غير قابلة للتحقق.
وأرجو أن أؤكد في هذا المجال على أن الحكومة ومن خلال وزارة الاتصال الحكومي حريصة على بناء علاقة مستدامة مع المواطن مبنية على حقه في المعرفة والوصول للحقائق، وضمان تدفق المعلومات الرسمية بوضوح، والتواصل مع المواطنين بشفافية.
وأشير في هذا السياق الى أن الحكومة تقوم سنوياً بعد صدور قانون الموازنة العامة بنشر دليل المواطن للموازنة العامة يتضمن توضيحاً مبسطاً لقانون الموازنة العامة وتوجهات الحكومة وسياساتها المالية والاقتصادية بما يعزز الشفافية حول حجم وهيكل الايرادات والنفقات.
وبخصوص ما أشار إليه تقرير اللجنة المالية والاقتصادية حول وضع أنظمة وتعليمات واضحة لصيانة الأصول الحكومية والمحافظة عليها، وتحديد الجهات المسؤولة عن التنفيذ والرقابة، فأؤكد على ان الحكومة تقوم برصد المخصصات اللازمة لصيانة الأصول الحكومية وضمان استدامتها. وأود الإشارة الى ان شركة الاستثمارات الحكومية ستقوم بإنشاء سجل يرصد في مراحله الأولى أصول البنية التحتية المملوكة للدولة في قطاعي الإنشاءات والطاقة، وسيتم توسيع هذا النهج ليشمل قطاعات أخرى.
دولة الرئيس
حضرات الأعيان المحترمين،
وفي سياق مطالعة التقرير حول التطورات المتعلقة بنهج الاعتماد على الذات في الموازنة العامة، أرجو التأكيد على أن المسار الذي انتهجته هذه الموازنة في ضبط النفقات وخاصة مدفوعات الفوائد والقيام بكل ما من شانه تحسين كفاءة تحصيل الإيرادات ومكافحة كافة اشكال التهرب الضريبي والجمركي، سيؤدي بعون الله الى الوصول تدريجياً الى ما نطمح اليه من الاعتماد على الايرادات المحلية في تمويل البرامج والمشاريع الحكومية، حيث سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية في عام 2026 إلى نحو 89 % مقارنة بنحو 85 % في عام 2025 ولتواصل ارتفاعها التدريجي إلى نحو 94 % في عام 2028. وهذا من شأنه أن يمكن الحكومة من تحقيق مستهدفات البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي المتمثلة بالخفض التدريجي لعجز الموازنة العامة الى نحو 3.6 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2028 وخفض الدين العام الى ما نسبته 80 % من الناتج في عام 2028.
ولة الرئيس
حضرات الأعيان المحترمين،
وفي الختام، أرجو أن أؤكد لحضراتكم أن الحكومة تعمل على تبني السياسات والخطط الحكومية الحصيفة لخدمة وطننا الغالي في مختلف المجالات، وستبقى مسيرتنا التنموية بعون الله سائرة بخطى ثابتة الى الامام وسنتمكن بتضافر جهودنا من تجسيد رؤى وتطلعات صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه وولي عهده الامين، مؤكداً على أن جميع التوصيات التي تضمنها تقرير اللجنة المالية والاقتصادية في مختلف القطاعات كالسياحة والصناعة والتجارة والاستثمار والزراعة والنقل والطاقة وغيرها، وملاحظات وتوصيات السادة الأعيان المحترمين ستكون محط عناية واهتمام وتقدير الحكومة وسنبذل كل ما في وسعنا لتنفيذها. وستقوم الحكومة بمخاطبة جميع الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية المعنية بالتوصيات الواردة في التقرير ليصار إلى إعداد تقرير شامل ومفصل حول ما سيتم اتخاذه من إجراءات تجاه هذه التوصيات وتزويد مجلسكم الموقر واللجنة المالية والاقتصادية بنسخة من هذا التقرير.
سائلاً المولى عز وجل أن يوفقنا جميعاً لرفعة وازدهار أردن الخير والعطاء برعاية صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم وولي عهده الامين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،