ماذا بعد موافقة حماس على خطة ترمب ؟

نبض البلد -
أحمد الضرابعة

من الواضح أن رد حركة حماس الإيجابي على الخطة التي اقترحها الرئيس الأميركي ترمب أدى لتحديد ثلاثة مسارات سياسية - حتى الآن - للتكيف مع متطلبات اليوم التالي للحرب في قطاع غزة. المسار الأول تم الكشف عنه مؤخراً، ويهدف إلى ترتيب البيت الوطني الفلسطيني برعاية مصرية لبناء أرضية مشتركة لكافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية، ولإعادة الربط السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انفصالهما منذ عام 2007، ولتوحيد السلطة الحاكمة لهما، وهو ما يعني استعادة الأوضاع السابقة لهذا العام. هذا المسار إن تم إكماله بنجاح فإنه سيؤدي لخلق تماسك وطني فلسطيني مؤسسي، ويرد الاعتبار للوحدة الجغرافية والسياسية التي تمثل الحد الأدنى من شروط قيام الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها مؤخراً دول أوروبية وازنة، وهذا الاعتراف ليس تعاطفاً سياسياً كما يراه البعض، بل خطوة سياسية قد تؤدي لتحولات قانونية في القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي

المسار الثاني هو مسار ويتكوف - كوشنر وهما المبعوثان الأميركيان اللذان مارسا عبر إدارة ترمب ضغوطات قصوى على حركة حماس لإجبارها على قبول الخطة المقترحة للسلام في غزة، وهما يعملان على ضمان تمتُع إسرائيل بالأفضلية الاستراتيجية مقابل الفلسطينيين أياً كان خيارهم السياسي في التعامل معها، فهما يريدان نزع سلاح حركة حماس وإدارة قطاع غزة من خلال مؤسسة دولية تتولى الإشراف على إعادة الإعمار وتقديم الخدمات في القطاع، وتحييده من الناحية العسكرية ليصبح مجرد قرية آمنة لا تشكل أي تهديد مستقبلي للإسرائيليين، وقد بدآ الجزء الثاني من مهمتها التفاوضية بالتوجه إلى القاهرة أمس للتوسع في المباحثات مع أطراف الحرب والوسطاء بشأن خطة ترمب وإطارها التنفيذي بعد إعلان قبولها من جانب حركة حماس، وهذا المسار فرض على العالمين العربي والإسلامي أن ينتجا مسارهما الخاص

المسار العربي والإسلامي الذي انطلق بفاعلية أكبر منذ الهجوم الإسرائيلي على الدوحة وفر مظلة دبلوماسية للوسطاء للقيام بدور سياسي أكبر من نقل وجهات النظر بين طرفي الحرب، فهم أصبحوا أطرافاً مؤثرة في المفاوضات ومخرجاتها، وهذا الدور المُوسع أوجده الضغط الدبلوماسي العربي والإسلامي على الإدارة الأميركية التي أصغت في الأسابيع الأخيرة لوجهات نظر مخالفة لتلك التي يقدمها نتنياهو. بيان حركة حماس الأخير دل على ذلك، فصيغته الدبلوماسية المُحمّلة بالرسائل التي تُقرأ بين السطور تشير إلى أن هناك تعاون ملحوظ بينها والوسطاء على سحب الذرائع من نتنياهو الذي تحدث الإعلام الإسرائيلي عن صدمته مما جاء في بيان الحركة