الملك عبد الله الثاني والأردن: ضمان حقوق الفلسطينيين في ظل خطة ترامب لغزة

نبض البلد -
الملك عبد الله الثاني والأردن: ضمان حقوق الفلسطينيين في ظل خطة ترامب لغزة
د. خالد العاص
في ضوء الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي ترامب لإعادة ترتيب إدارة قطاع غزة بعد الصراع، برز الأردن كمكوّن فاعل في المشاورات والمبادرات العربية، مع رفض قاطع لتهجير الفلسطينيين، ودور محوري لجلالة الملك عبد الله الثاني في رسم المواقف الأردنية وتنسيقها مع الدول العربية والشركاء الدوليين. فقد اتسمت سياسة الأردن بالمرونة الدبلوماسية مع الثبات على الثوابت الوطنية، مما جعله أحد أبرز الأطراف العربية التي تعاملت مع الخطة الأمريكية بحذر وحزم في الوقت ذاته.
منذ البداية، تبنّى الأردن موقفًا واضحًا من ملف التهجير، حيث جدد الملك التأكيد على رفض "اللاءات الثلاث": لا للتهجير، لا للتوطين، ولا للوطن البديل. وأوضح وزير الخارجية الأردني أن إعادة إعمار غزة ممكنة دون أن يغادر الفلسطينيون أرضهم، مؤكدًا أن الأردن يرفض أي مقترح لتهجير سكان القطاع إلى الأردن أو أي دولة أخرى. وقد عزز هذا الموقف من مصداقية الأردن كممثل صادق للقضية الفلسطينية، محافظًا على الثوابت الوطنية والإنسانية.
ولم يتحرك الأردن بمعزل عن محيطه العربي، بل عمل بتنسيق وثيق مع مصر ودول عربية أخرى لتقديم مبادرات بديلة للخطة الأمريكية، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة إعادة الإعمار والتعامل مع الأبعاد الإنسانية والسياسية للأزمة. وأكد الملك أن الخطة الأمريكية شهدت توافقًا نسبيًا على بعض بنودها، ما يدل على أن الأردن ساهم في بلورة مواقف عربية متقاربة، مع حرصه على حماية المصالح العليا للأمة العربية.
على الصعيد السياسي، شكّل لقاء الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي محطة حاسمة عرض خلالها الأردن رؤيته بشأن غزة، لا سيما فيما يتعلق بالتهجير والإعمار، مؤكدًا أمام الرأي العام الأردني والعربي أن مصلحة الأردن واستقراره فوق كل اعتبار. كما طالب الأردن بأن تكون خطة مصر لإعادة الإعمار متوازية مع الموقف الأردني الثابت، بما يحمي حقوق الفلسطينيين ويرفض أي شكل من أشكال النقل القسري أو التوطين الإجباري.
امتد الدور الأردني ليشمل تأثيرًا معنويًا وشعبيًا واسعًا داخل الأردن وخارجه، حيث لقي موقف الملك دعمًا شعبيًا كبيرًا، ونجح الأردن في إبراز موقف عربي موحد إلى حد كبير، وفرض معايير سياسية وأخلاقية في النقاشات الدولية، أبرزها مبدأ "إعادة الإعمار دون تهجير"، الذي أصبح شرطًا أساسيًا في أي حوار دولي حول مستقبل غزة.
أما في تقييم النتائج، فقد نجح الأردن في تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: الحفاظ على الثوابت السياسية والثقافية، تأطير النقاش الإقليمي والدولي حول غزة عبر خيار "إعادة الإعمار في المكان"، وتعزيز التنسيق العربي للحد من تمرير أي خطة أمريكية دون مراجعة أو تعديل.
في المحصلة، كان دور الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني محوريًا في وضع خطوط حمراء أمام الخطة الأمريكية، مؤكّدًا رفض التهجير، رفض التوطين الإجباري، وضمان إعادة إعمار غزة دون إخراج أهلها من أرضهم. وبهذا، تمكن الأردن من التأثير على مضمون النقاشات الدولية، ودفع بعض بنود الخطة إلى المراجعة، مع الحفاظ على وحدة الصوت العربي، مؤكّدًا أن أي خطة سلام لا يمكن أن تنجح دون العدالة واحترام الحقوق الفلسطينية.