‎"خيوط الذاكرة: صراع الصائل"

نبض البلد -
‎تبارك الياسين تحاور الكاتب محمد سرسك
‎رواية "الصائل" لمحمد سرسك، الصادرة عن دار الفينيق عام 2024، عمل تاريخي يرصد فلسطين من أواخر القرن الثامن عشر إلى بدايات الانتداب البريطاني (1880-1921). تتمحور حول "عماد"، رمز الوعي الوطني، وهو يواجه "الصائل الهدام"، تجسيدًا للتحديات الصهيونية الأولى. بأسلوب يمزج الواقعية التاريخية بالدراما، تطرح الرواية تأملات حول الذاكرة الجماعية والمقاومة، داعيةً إلى إعادة نسج التاريخ لتجنب تكرار المآسي.
‎١ـ كيف جاءت فكرة "الصائل" كرواية تاريخية تغوص في مرحلة التغلغل الصهيوني الأولي في فلسطين، وهل كانت مستوحاة من تجربة شخصية أم من دراسات تاريخية محددة؟
‎ج 1 – كانت الفترة التي تناولتها الرواية هي الفترة المثالية للمستعمر واليهودي معاً ، فهي بدأت تشهد الانهيار السريع للدولة العثمانية ، يقابلها صعود للقوى الاستعمارية الغربية ممثلة بفرنسا وبريطانيا في حين كان المجتمع العربي بشكل عام يعيش تحت وطأة الفقر والجهل المستشري في المنطقة العربية متناغماً مع الضعف المتزايد للدولة العثمانية التي كانت تحكم المنطقة ، والرواية بالتأكيد لم تأت من تجربة شخصية بل من دراسات تاريخية متعددة ، حيث تمتاز الرواية بالتوثيق ، فهي رواية توثيقية لم تكن مهمتها الحديث عما جرى بقدر فتح نوافذ على ما جهل وتم تغييبه .
‎٢ـ الشخصية الرئيسية "عماد" يُقدم كرمز للوعي الوطني الذي يواجه "الصائل الهدام"؛ كيف طورتم هذه الشخصية لتعكس الصراع بين الماضي والحاضر في الرواية؟
‎ج2- نعم عماد كان يمثل الوعي الوطني الذي يقوده الجيل الشاب ، فجيل الاباء والاجداد منشغلون بما تعودوا عليه اما الشباب فهو يراقب ويحلل ويحاكم الاحداث التي يشهدها وهكذا قام الشابان عماد وصديقه بجولة في انحاء فلسطين ، حتى تكتمل الصورة لديهم ، فالمشكلة ليست في قريتهم فحسب بل في فلسطين كلها ، وهذا ما توصلوا اليه ، لقد فكك الجيل الجديد الشبكة التي كانت تمهد للاحتلال ومن قبله الاستعمار ، حيث يتقدم الاقتصاد على البندقية احياناً .
‎٣ـ في سياق الرواية، يبدو أنكم تسعون إلى "نقض التاريخ وإعادة نسج خيوطه" لتجنب مصائب مثل ضياع فلسطين؛ ما الرسالة الرئيسية التي تريدون إيصالها للقارئ من خلال هذا النهج؟
‎ج3- الرواية تنقل صورة حية عن المجتمع الفلسطيني والتغيرات الاجتماعية التي طرأت عليه فهي تعكس مكونات القرية وبنيتها الاجتماعية التي كانت تتفاعل مع المتغيرات الجديدة خاصة مع زيادة التغلغل الصهيوني وتنامي الشعور بالخطر على الارض والهوية ، بالتالي كان الوعي هو من يفترض به ان يقود المعركة فالاعمار أرقام وليس امكانيات ، لكن النظام الابوي كبح هذا الاندفاع الخجول للشباب الذين كانوا اقرب لفهم ما يجري في ذلك الوقت .
‎٤ـ كيف تعاملتم مع التوازن بين الوصف التاريخي الدقيق للفترة من 1880 إلى 1921 وبين عناصر الدراما الروائية، مثل الصراعات الشخصية بين الأهالي البسطاء 
‎والقوى الخارجية؟
‎ج4- الحبكة الروائية كانت تتطور مع تقدم الزمن ونضج الشخوص التي تتفاعل مع الاحداث التي رافقت الفلسطيني من تلك الفترة حتى تكللت هذه الاحداث بنكبة 1948 ، فالمكون الادبي ينخرط الى حد بعيد بالمجتمع الفلسطيني ومكوناته ، والذي كان تابعاً للدولة العثمانية ويتأثر بما يدور فيها من صراعات ، هذه الصراعات التي ازدادت داخل الدولة العثمانية اضافة الى التهديدات الخارجية التي كانت تعاني منها خصوصاً من دول الاستعمار الغربي .
‎٥ـ ما دور الوعي الجماعي في مواجهة "الصائل" كما يظهر في الرواية، وهل ترون أن هذا الوعي لا يزال مفقودًا في الواقع الفلسطيني الحالي؟
‎ج5- الوعي متشابه في كل الفترات التاريخية لكن ما يختلف هو ادواته ، حسب التطور الصناعي والتكنولوجي ،فقد كانت الصحف في ذلك الوقت قليلة وغير منتشرة الا من مدن بعينها وبشكل محدود ، كما ان التعليم هو مطلب اساسي للوعي ، في حين كان المتعلمين من المجتمع الفلسطيني غير كثير وكانت الدولة العثمانية تمنع صحف كثيرة من الخارج عن دخول مناطقها ، كما انها تضع رقابة شديدة على الصحف الصادرة في ولاياتها ، هذا مما زاد في صعوبة الوصول الى المعلومة التي هي شرط اساسي لاية خطط او ردود افعال مناسبة يتبناها المجتمع الانساني والذي هو هنا المجتمع العربي والفلسطيني .
‎اما حالياً فقد زاد الوعي كثيراً عن ذي قبل لكن النوايا السياسية تبقى مخفية عند الدول الاستعمارية التي ظلت وطورت ايضاً من ادواتها في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية وحتى في وسائل التواصل .
‎الوعي دائماً كما في الرواية يحاول ان يبطل الخطة الاستعمارية ويقف في وجهها ويختار اساليب المقاومة من ما هو متاح من وسائل في بيئته .
‎٦ـ في الصفحات الأولى، يبرز القلق من مسار التاريخ؛ هل كانت كتابة الرواية محاولة لإعادة بناء الذاكرة الجماعية، أم مجرد استكشاف لـ"لغز الصائل" كما يُصور؟.  
‎ج6- القلق كان ناجماً من عدم الوضوح ، فهذا القادم الجديد لم يظهر نواياه ، بل ادعى بكثير من الاخبار والحكايات بانه له عائلة وبلد ، وانه مجرد تاجر ، وهكذا استقبل الفلسطينيون اليهود في هذه الفترة وقبلها ، احتضنوهم كفئة تريد ان تعيش بينهم فقط قد تكون سذاجة من نوع ما لكن الشكل السياسي للدولة كان مختلفاً كثيراً عما نعيشه اليوم .
‎٧ـ ما التحديات التي واجهتموها أثناء البحث عن التفاصيل التاريخية لتلك الفترة، وكيف ضمنتم أن تكون الرواية أداة للتوعية دون الوقوع في الدعاية؟
‎ج7- كان المطلوب مرجع تاريخي لكل محور ، الاول المجتمع الفلسطيني ، الثاني وضع اليهود في اوروبا والثالث الاحداث والنزاعات التي كانت تدور في الدولة العثمانية ، هذه المحاور تحتاج الى مراجع مختلفة ومتباينة لنفس الفترة وهي الثالوث الذي قصم ظهر الشعب الفلسطيني في نكبته فقلة المصادر المتاحة كانت نوعاً من التحدي لاتمام كتابة هذه الرواية
‎٨ـ إذا أمكن لكم إعادة كتابة جزء من "الصائل"، أي لحظة تاريخية أو شخصية ستغيرونها، ولماذا؟
‎ج8- كنت سأجعل وردة التي كانت مقاومتها سلبية ، كنت سأجعلها اقوى مما هي عليه متمردة للحد الذي تقتل فيه عطية زوجها ، لانها كانت تعرفه بشكل جيد ، وتعرف كم كان دوره تدميرياً وهداماً للقرية وأهلها .

الاسم: محمد اسماعيل سرسك
مكان الولادة:عمان ١٩٦٢
الهاتف:0795556028
المؤهل العلمي:بكالوريوس محاسبة
الجامعة الأردنية 

الحياة العملية:
محاسب في القطاع الخاص
موظف في دائرة ضريبة الدخل
صاحب مكتب تدقيق حسابات متدينة ٢٠٠٠
الكتب الصادرة:
بكرة العيد وبنعيد.  مجموعة قصصية صدرت عن دار الفينيق سنة٢٠٢٢
مزامير كنعانية    مجموعة قصصية صدرت عن دار الفينيق سنة ٢٠٢٢
الصائل. رواية صدرت عن دار الفينيق سنة ٢٠٢٤
عضو رابطة الكتاب الأردنيين 
عضو جمعية المحاسبين القانونيين الأردنيين