خطة ترمب: قراءة في السياق والنتائج

نبض البلد -
أحمد الضرابعة
مع تأييد العالمين العربي والإسلامي لخطة ترمب لوقف الحرب المستمرة في قطاع غزة يمكن القول إن الولايات المتحدة الأميركية نجحت في إعادة ضبط المشهد الدبلوماسي الذي فرض نفسه في قمة الدوحة ومؤتمر حل الدولتين وفي الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

شكّل الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية حدثاً فاصلاً في المشهد الإقليمي، فقد حفز الدول العربية والإسلامية على زيادة منسوب التضامن فيما بينها والتحرك بشكل جماعي في إطار حماية المنطقة من الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تستغل فائض قوتها العسكرية والانكشاف الاستخباراتي في الإقليم لفرض معادلة جديدة تطال بنية الأمن الإقليمي والسيادة الوطنية للدول، وهو ما ردت عليه الدول العربية والإسلامية برفع وتيرة نشاطها الدبلوماسي لتعرية حكومة نتنياهو على الساحة الدولية ودعم الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين التي واجهت معارضة مزدوجة من واشنطن وتل أبيب، وفي خلفية ذلك كانت الدول العربية والإسلامية تشهد اتصالات سياسية ثنائية متزايدة، تزامن معها إعلان توقيع اتفاق دفاع مشترك ين السعودية وباكستان وترتيب مناورة عسكرية بين مصر وتركيا. التقطت الولايات المتحدة الأميركية هذه المعطيات، وفهمتها كنواة تشكل محور إقليمي مضاد للسياسة الإسرائيلية - الأميركية التي أظهرت بوضوح تجاهلاً مقصوداً لسيادة الدول ومصالحها، وبالتالي جاءت خطة ترامب التي تم التصديق عليها عربياً وإسلامياً لتتولى واشنطن زمام المبادرة السياسية من جديد في المنطقة التي تلقت كافة دولها رسالة جماعية بعد قصف الدوحة، مفادها أن الغطاء العسكري الذي توفره الولايات المتحدة الأميركية لحلفائها لا يشمل إسرائيل، وهو ما أنشأ حراكاً إقليمياً للتعامل مع هذا المُستجد

مشاورات الرئيس الأميركي ترامب مع قادة الدول العربية والإسلامية بشأن خطته وصياغة مخرجاتها التي أعلنها أمس تأتي في سياق ترميم الثقة بين واشنطن والعواصم الحليفة التي تضررت لأسباب عديدة، إضافة لتطويق الحراك العربي والإسلامي ببعديه الدبلوماسي والعسكري بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر، وفي الوقت نفسه لرفع الغطاء عن حركة حماس على المستوى الشعبي في قطاع غزة، وعلى المستوى الرسمي في الساحتين العربية والإسلامية، فالأنظار تتجه الآن إلى رد حركة حماس على خطة ترامب والتي لم تعد تملك الكثير من الخيارات مع تصاعد الضغوط الإنسانية في قطاع غزة ووضوح وجهة العالم العربي والإسلامي النهائية إزاء ما يجري، وهو ما يضاعف حجم المسؤولية على عاتقها، ويكلّفها أثماناً باهظة ليس فقط سياسياً، بل في قدرتها على الاحتفاظ بصورتها أمام جمهورها والحفاظ على تماسكها الداخلي، فخطة ترمب المدعومة بتأييد عربي وإسلامي وإسرائيلي ستجعل حماس أمام الرأي العام الدولي مسؤولة عن كل ما سيحدث لاحقاً، وهو ما قد يفكك حالة الدعم الدبلوماسي للفلسطينيين التي بدأت بالتشكل منذ 7 أكتوبر 2023