"القدم".. المدربون الأردنيون: الاحتكاك الأوسع طريقهم للوصول ل"العالمية"

نبض البلد -
مسؤولية صناعة مدرب عصري تقع على الاتحاد

هناك تفاوت بمعاملة المدرب الأردني مقارنة بالاجنبي

الأنباط – ميناس بني ياسين

رغم أن كرة القدم الأردنية تزخر اليوم بعدد مهول من المدربين الحاصلين على شهادات محلية ودولية، إلا أن هذا التوسع الكمي لم ينجح بعد في إنتاج مدرب عصري قادر على منافسة المدارس الكروية المتقدمة.

وبينما تتحول الشهادات إلى "أوراق معلقة على الجدران" كما يصفها الخبراء، يظل غياب الاحتكاك الخارجي والمعايشات الحقيقية العائق الأكبر أمام تطوير الفكر التدريبي المحلي.

وباتت الأكاديميات والمراكز التدريبية والأندية حاليا مكتظة بأسماء تحمل شهادات تدريبية مختلفة، ما يفتح باب التساؤل ما إذا كنا أمام ثروة بشرية قادرة على قيادة اللعبة إلى آفاق جديدة؟ أم أزمة نوعية تهدد بتفريغ الشهادات من مضمونها؟

 

ظاهرة بين الصحة والتحدي

الدكتور نايف الجبور، عضو هيئة التدريس في جامعة البلقاء التطبيقية ولاعب ومدرب سابق، تحدث لـ"الأنباط" بوضوح وصراحة، محذراً من أن غياب الرقابة والدعم المؤسسي حول القطاع التدريبي إلى "حلقة مغلقة" تعيق التطور.

ويرى الجبور أن تزايد أعداد المدربين قد يبدو ظاهرة صحية، لكنه سرعان ما يتحول إلى عبء في غياب الدعم الحقيقي من الاتحاد الأردني لكرة القدم. ويقول: "الحصول على شهادة C أو B أو حتى Pro ليس هو الهدف بحد ذاته، بل المطلوب هو الاحتكاك الخارجي بمدارس كروية متقدمة. بدون ذلك، تبقى هذه الشهادات مجرد أوراق لا قيمة لها".

 

جيل جديد.. لكن بأعداد قليلة

ويعترف الجبور بوجود جيل جديد يمتلك فكراً تدريبياً متطوراً ووعياً تكتيكياً عالياً، لكن أعدادهم محدودة مقارنة بالكم الهائل من المدربين. ويضيف: "إذا أردنا صناعة جيل حقيقي، على الاتحاد أن يتبنى كل عام مجموعة من المدربين المميزين ويبتعثهم لمعسكرات ومعايشات خارجية، فالاحتكاك هو أساس التطوير".

 

كيف نصنع المدرب العصري؟

يشدد الجبور على أن مسؤولية صناعة مدرب عصري تقع بالدرجة الأولى على الاتحاد الأردني لكرة القدم، قائلاً: "لم يعد المدرب مجرد شخص يقف على الخط لتبديل لاعب، بل أصبح محللاً وقارئاً للمباريات والتكتيك. إذا بقينا نعمل بنظام (الفزعة)، سنظل نخرج آلاف المدربين بلا جدوى".

 

الجامعات.. تأسيس لا أكثر

ويؤكد الجبور أن دور الجامعات يقتصر على التأسيس، فيما يبقى تطوير الفكر التدريبي مسؤولية الاتحاد والدورات المتقدمة التي يوفرها الفيفا والاتحاد الآسيوي. لكنه ينتقد في الوقت ذاته دخول "من هب ودب" إلى المجال، ما جعل الساحة مزدحمة بأسماء لا تملك الكفاءة.

 

ظلم المدرب المحلي

وانتقد الجبور التفاوت في معاملة المدرب الأردني مقارنة بالأجنبي، قائلاً: "المدرب الأجنبي يحصل على كامل الصلاحيات وراتب مرتفع، بينما يُهمّش المدرب المحلي حتى وإن كان أكثر كفاءة. يبقى عقده أقل وصلاحياته محدودة".

 

توصيات.. شراكات ومعايشات

واختتم الجبور بتوصيات واضحة، أبرزها​تنظيم القطاع التدريبي ومنع غير المؤهلين من دخوله. وتبني برامج ابتعاث سنوية للمدربين بالتعاون بين اتحاد الكرة والحكومة والقطاع الخاص. وعقد شراكات استراتيجية مع اتحادات أوروبية وآسيوية لإتاحة فرص الاحتكاك والمعايشة. ودعم مدربي الفئات العمرية بشكل خاص، باعتبارهم الأساس في صناعة جيل جديد من اللاعبين.

وختم الجبور قائلا: "إذا لم نعد النظر في هذا القطاع ونوفر فرص الاحتكاك والمعايشة، سنظل ندور في حلقة مغلقة. كرة القدم الأردنية بحاجة إلى فكر تدريبي عالمي، لا إلى تضخم أعداد بلا قيمة".