هلالات: 75 % انخفاض عدد الزوار الأجانب للبتراء خلال النصف الأول
الأنباط – مريم البطوش
رغم مكانتها العالمية كإحدى أعظم المواقع السياحية، وأحد مواقع التراث العالمي وعجائب الدنيا السبع، تعاني البتراء من تراجع ملحوظ في أعداد الزوار، وانعكاسات سلبية على اقتصاد المنطقة والمجتمع المحلي، بفعل الأوضاع السياسية والاضطرابات التي تمر بها المنطقة.
ومع هذا الواقع، يطرح كثيرون فكرة تبني الجهات المعنية لمبادرات نوعية، أبرزها إقامة "مهرجان البتراء" كمناسبة سنوية تُبرز جمال المدينة وتراث الجنوب الأصيل، وتكون منصة تجمع بين الفنون والثقافة والفعاليات السياحية. الهدف من المهرجان هو دعم المجتمع المحلي عبر خلق فرص عمل جديدة، وتنشيط الحركة الاقتصادية، وتعزيز مكانة البتراء كوجهة سياحية وثقافية عالمية.
قيود تنظيمية وتحديات جغرافية
الخبير السياحي ونائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، حسين هلالات، أوضح لـ"الأنباط" أن البتراء، رغم أهميتها، لا تستضيف مهرجانات كبرى على غرار مهرجان جرش، بسبب محدودية البنية التحتية، وصعوبة الوصول، ونقص المرافق والخدمات التي تمكّن من استقبال أعداد كبيرة من الزوار.
وأضاف هلالات أن القيود التي تفرضها منظمة "اليونسكو" تمنع إقامة الفعاليات داخل الموقع الأثري نفسه، ما يستوجب إيجاد مواقع بديلة قريبة تحافظ على خصوصيته. كما أن البعد الجغرافي عن العاصمة عمان – إذ تستغرق الرحلة أكثر من ثلاث ساعات – يقلل من إقبال الزوار المحليين مقارنة بجرش التي تبعد ساعة واحدة فقط، ما يؤثر على إمكانية حضور الفعاليات والعودة في اليوم نفسه.
تراجع حاد في مؤشرات السياحة
وكشف هلالات عن تراجع نسب إشغال الفنادق في البتراء بشكل حاد، إذ انخفضت إلى 31% في الفنادق الفاخرة، و4% في المتوسطة، و1% فقط في الأقل تصنيفاً، بالتوازي مع انخفاض عدد السياح الأجانب بنسبة تقارب 75% خلال النصف الأول من العام. وأدى ذلك إلى إغلاق العديد من الفنادق وخروج آلاف الغرف الفندقية من الخدمة، فضلاً عن تضرر المطاعم ومحال التحف وشركات النقل والدليل السياحي، ما انعكس سلباً على معيشة أبناء المنطقة.
دعوة لمشاركة المجتمع المحلي
وشدد هلالات على أهمية إشراك المجتمع المحلي وأصحاب المنشآت السياحية في تنظيم أي مهرجان، عبر تمكينهم من العمل في لجان التنظيم، وتوفير فرص عمل لأبناء المنطقة في مجالات الأمن، والتنظيم، والضيافة، والنقل. كما دعا إلى إنشاء سوق تراثي يعرض المنتجات اليدوية والأطعمة التقليدية، مع تعاون شركات السياحة والفنادق لتقديم برامج متكاملة تشمل الفعاليات وزيارات المعالم الأخرى، إلى جانب توفير برامج تدريبية للعاملين في مجالات إدارة الفعاليات والتسويق وخدمة الزوار.
أثر اقتصادي وثقافي محتمل
وأكد هلالات أن إقامة مهرجان سنوي أو فعاليات ثقافية كبرى، إذا صُممت بروح تحترم التراث وتحافظ على البيئة، يمكن أن تعيد الحياة للسياحة في البتراء، وترفع نسب إشغال الفنادق، وتزيد الطلب على المطاعم ومحال الهدايا، وتثري التجربة السياحية بفعاليات ليلية وثقافية تستقطب سياحاً من دول الخليج وأوروبا.
رؤية للتعافي
واختتم هلالات بأن تعافي السياحة في البتراء يتطلب خطة شاملة تتضمن تنويع الأسواق المستهدفة عبر حملات تسويقية دولية، وتطوير منتجات سياحية بديلة مثل "البتراء ليلاً" والرحلات البيئية، وتقديم إعفاءات ضريبية وقروض ميسرة لدعم الفنادق والمطاعم والعاملين، إضافة إلى جذب شركات الطيران منخفضة التكلفة، وتنفيذ برامج سياحية وطنية بهوية مميزة للبتراء تعزز من تسويقها واستقطاب الاستثمار إليها.