حسين الجغبير يكتب : متى يفهم الناس معادلة المستقبل العملي؟

نبض البلد -


حسين الجغبير

ما زالت جديلة القبول الموحدة متواصلة رغم كل محاولات تطويرها واستحداث تخصصات جديدة، إذ ما يزال الناس متمسكون بنظرية أن على أبنائهم دراسة الطب والهندسة، وبعض التخصصات الراكدة، في الوقت الذي يبحث فيه سوق العمل عن ما هو جديد. الناس يواصلون رفض التغيير وفهم معادلة المستقبل القائمة على ما يحتاجه هذا السوق من أيادي عاملة تقوم على المهارة وليس على الشهادة بالدرجة الأولى.

إن التمسك بدراسة بعض التخصصات الجامعية له أثار سلبية كبيرة على مستقبل الطلبة خصوصا وأن سوق العمل مشبع بمثل هذه التخصصات، وللأسف ما يزال عقل الطالب وذويه يقوم على معادلة "بدي ابني دكتور!"، وليس مهما ان كان طبيبا لا يجد وظيفة لاحقا. البعد الاجتماعي مع كل الدعوات لتجنبه، ما يزال يسيطر على الأردنيين ممن يذهبون بأبنائهم بأيديهم إلى دائرة البطالة، وعدم الانتاجية.

لم يدرك البعض في الأردن حتى الآن أن التغيير التكنولوجي سيعيد تشكيل سوق العمل عبر العالم بحلول عام 2030، وفقا لـ "تقرير مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. واستند التقرير إلى آراء أكثر من ألف من المشغلين حول العالم، يعمل لديهم أكثر من 14 مليون عامل في 22 قطاعا صناعيا و55 اقتصادا مختلفا.

ويتوقع أن يُحدث التحول الرقيم تأثيرا واسع النطاق على نماذج الأعمال والوظائف نتيجة للتطورات في مجالات عدة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات ومعالجة البيانات والطاقات المتجددة والأمن السيبراني.

ماذا يعني هذا؟، سؤال علينا التفكير في اجابته مليا حتى نستطيع أن نرسم ملامح توجيه الشباب الأردنيين وذويهم نحو الاختيار الأسلم للتخصصات الجامعية الراغبين في دراستها، ومن أبرزها وأكثرها طلبا وأهمية، هندسة البيانات، وبرمجة ألعاب إلكترونية، وهندسة التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، والسيارات الكهربائية وذاتية القيادة، والطاقات البديلة والمتجددة، والأمن السيبراني.

باعتقادي، أن أكبر خطر على مستقبل الدولة، أي دولة في العالم، هو استمرار التعليم والبرامج الدراسية المطروحة على ذات النهج التقليدي، فيما العالم يحدث فيه تنوع وتقدم كبيرين في تخصصات تشكل طفرة علمية وتكنولوجية، لذا على الدولة مسؤولية كاملة أيضا في الوصول تدريجيا إلى ذلك، عبر الغاء التخصصات الجامعية المشبعة، وتوفر مكانها تخصصات جديدة، وبسوية عالية من الجودة العلمية في التدريس، ما يؤدي إلى أن الناس لن يكون لديها خيارات توجيه أبنائهم نحو دراسة تخصصات لم يعد لها تأثير أو أهمية، وهي كثيرة جدا.