تفاصيل مثيرة تعرضها "الأنباط" حول دمج الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر
الصعوب: الهيدروجين الأخضر هو مستقبل الناقل الوطني وضمان استدامته
محاسنة: الهيدروجين الأخضر في المشروع يتطلب استثمارًا أكبر لتحقيق استدامة المياه والطاقة
الأنباط - ميناس بني ياسين
يتطلعُ مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه إلى دمجِ تقنيتي الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، ضمن سعي المملكة لتحقيق أهدافه الاستدامية والطاقة النظيفة، مما يفتح آفاقًا جديدة لضمان استمرارية المشروع الاستراتيجي وكفاءته على المدى الطويل، من خلال الاستفادة من الطاقة الشمسية خلال النهار وتحويل الفائض إلى هيدروجين أخضر.
ويقدم المشروع نموذجًا متكاملاً يدعم توفير المياه ويعزز قدرة الأردن على تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتتعدد الفوائد التي يقدمها هذا النظام المتطور، من تحسين كفاءة إنتاج المياه وتحقيق الاستدامة البيئية إلى تعزيزِ مكانة الأردن في مجال الطاقة النظيفة على الصعيد الإقليمي والدولي.
تفاصيل مثيرة تكشفها "الأنباط" حول إمكانية دمج الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر لضمان استمرارية مشروع الناقل الوطني بكفاءة بيئية وتقنية رائدة.
وفي السياق يرى خبراء أن للهيدروجين الأخضر دورٌ كبير في نجاح مشروع الناقل الوطني، مع التركيز على التحديات والفرص المستقبلية التي قد يواجهها المشروع في سياقاتٍ متغيرة للطاقة والمياه.
الخبير في تقنيات الهيدروجين الأخضر رائد الصعوب أكد لـ"الأنباط" أن الجمع بين الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر يمثل حجر الزاوية لضمان استمرارية وكفاءة مشروع الناقل الوطني، لافتًا إلى أن الخطة تعتمد على استخدام الطاقة الشمسية في النهار لتشغيل محطات تحلية المياه أولاً، وإنتاج كميات المياه المطلوبة للمشروع. وأضاف "لكننا لا نتوقف هنا، كمية الكهرباء التي تُنتج من الطاقة الشمسية ستكون أعلى من الحاجة الفعلية لمحطات التحلية في النهار، وبالتالي يتم استثمار الفائض في إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي للماء".
وتابع "لأن الشمس متوفرة بسخاء في الأردن خلال النهار فإن هذا النظام يوفر فرصة مزدوجة؛ إنتاج المياه المطلوبة للمشروع، وفي الوقت نفسه إنتاج الهيدروجين الأخضر وتخزينه لاستخدامه ليلاً".
وأجاب الصعوب حول كيفية التعامل مع المياه المحلاة الفائضة في هذا النظام بأن "المياه المحلاة التي يتم إنتاجها نهارًا قد تتجاوز الحاجة اليومية لمشروع الناقل الوطني، وعوضًا عن تخزينها فقط يتم استثمارها لتحويلها إلى هيدروجين أخضر باستخدام الفائض من الكهرباء الناتجة عن الطاقة الشمسية، وفي هذه العملية نقوم بتحليل الماء كهربائيًا إلى عنصري الهيدروجين والأكسجين".
وبين أن الهيدروجين الناتج يتم تخزينه في أنظمة مخصصة ليتم استخدامه ليلاً أما الأكسجين الناتج عن العملية، فيمكن إعادة استخدامه لدعم العمليات الصناعية أو لتحسين جودة الهواء في المناطق القريبة.
وأكد أن الدور الذي يلعبه الهيدروجين الأخضر خلال الليل في مشروعِ الناقل الوطني مهم فـ عندما تتوقف مصادر الطاقة الشمسية، يتم الاعتماد على الهيدروجين الأخضر لتوليد الكهرباء من خلال خلايا الوقود الهيدروجينية، وهذه الخلايا تعمل على تحويل الهيدروجين المخزن إلى كهرباء لتشغيل محطات التحلية، مما يضمن استمرارية العمل ليلاً دون الحاجة إلى أي وقود أحفوري.
وأضاف أن الميزة الكبرى هنا أن خلايا الوقود تنتج الماء كمنتج ثانوي أثناء توليد الكهرباء، وهذه المياه يتم إضافتها إلى الإنتاج الكلي اليومي مما يعزز كفاءة النظام ويزيد من كميات المياه المحلاة التي تُلبي متطلبات مشروع الناقل الوطني. وبمعنى آخر هذا النظام المتكامل يسمح لنا باستخدام الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر بشكل ذكي لضمان تشغيل المحطات على مدار 24 ساعة، مع إنتاج إضافي للمياه ليلاً.
وأشار الصعوب إلى أن فوائد هذا النظام المتكامل لمشروع الناقل الوطني يتمثل في استمرارية تشغيل محطات التحلية؛ فـ باستخدام الهيدروجين الأخضر، نضمن تشغيل المحطات دون انقطاع، حتى أثناء غياب الشمس ليلاً، وإنتاج مياه إضافية، أي أن المياه الناتجة عن خلايا الوقود الهيدروجينية تُضاف إلى الكمية الإجمالية للمشروع، مما يزيد من كفاءة التحلية، وخفض الانبعاثات الكربونية لا سيما وأن النظام يعمل بشكل كامل على مصادر الطاقة النظيفة، مما يعني صفر انبعاثات كربونية، مقارنة باستخدام الوقود الأحفوري.
وأوضح أن الفوائد كثيرة وتضمن استثمار الفائض من الطاقة والمياه، بدلاً من تخزين الفائض من المياه أو الطاقة بشكل غير فعال، يتم استثمارهما في إنتاج الهيدروجين الأخضر، مما يعزز الكفاءة الاقتصادية للمشروع، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، بحيث أن النظام يضع الأردن في موقع ريادي كواحد من الدول التي تعتمد على الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، ما يقلل من الاعتماد على الواردات النفطية.
ونوه إلى أن إسهامات المشروع في تحقيق أهداف الأردن للاستدامة سيعكس التزام الأردن بتحقيق أهدافه المناخية بموجب اتفاقية باريس، حيث تعهدت المملكة بخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 31% بحلول 2030، موضحًا أن استخدام الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بشكل متكامل في مشروع الناقل الوطني يمثل خطوة هائلة نحو تحقيق هذه الأهداف.
وحول دور المشروع في تعزيز مكانة الأردن إقليميًا، علق الصعوب: "الأردن يتمتع بموقع جغرافي مميز وموارد شمسية ورياح هائلة تجعله مؤهلاً ليصبح مركزًا إقليميًا للطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ومشروع الناقل الوطني لا يقتصر فقط على تلبية احتياجات المياه محليًا، بل يمكن أن يشكل قاعدة لتصدير الهيدروجين الأخضر لدول المنطقة التي تبحث عن مصادر طاقة نظيفة".
وبحسب تقديرات دولية، فإن الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر سيزداد بشكل كبير بحلول عام 2050، ليشكل حوالي 18% من استهلاك الطاقة العالمي، والأردن عبر مشاريعه الطموحة، يمكنه أن يحتل موقعًا رياديًا في هذا السوق الناشئ، ما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويفتح آفاقًا اقتصادية جديدة.
من جانبه، أكد الخبير دريد محاسنة أن استعمال الهيدروجين الأخضر يعتبر من الوقود النظيف الذي من الممكن استخدامه في مشروع الناقل الوطني، مضيفاً أنه لا يمكن استبعاد الوسائل الأخرى كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح اعتمادًا على الموقع، لا سيما وأن مشروع محطة التحلية في العقبة.
وأوضح محاسنة أنه قد يُستعمل الهيدروجين الأخضر لضخ المياه على امتداد الطريق من العقبة، لكن الضخ في عمان سيستلزم محطات كثيرة تتزود بالوقود ومن ثم يتم اللجوء لوسائل بيئية أخرى والتي هي وسائل نظيفة تساهم بمنع تلوث الهواء وتغير المناخ.
وتابع أن المشكلة تكمن في تكلفة الهيدروجين الأخضر مقارنة بالوقود التقليدي، ما يعني أننا نأمل استخدامه، لكن التقنية ذاتها واستخداماتها في الأردن لم تصل إلى حالة التطبيق الذي يمكن الاعتماد عليه، ما يعني أن الفكرة تعود لمنفذ المشروع وقراره باللجوء لمصدر طاقة معين، موضحًا أنه لو وجدت شركات تزود بالطاقة من الهيدروجين الأخضر سيكون هناك عائدًا جيدًا على المشروع وستطبق الفكرة بسهولة.
وفيما يتعلق بالتحديات التي يمكن أن تواجه المشروع، أشار إلى أن أول تحدٍ يتمثل في كمية المياه المحلاة والتي ستنقى قليلة نسبيًا مقارنة بالحاجة الماسة، والتي تتجاوز 500 مليون متر مكعب، بينما التزويد سيكون 250 مليون متر لعمان فقط.
وقال "إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار الحاجة الماسة والنقص في المياه الذي نعانيه يتبين أننا بحاجة لمحطات تحلية أخرى". وأوضح أن التحدي الثاني قد يتمثل في الكلفة العالية أي أن سعر المتر المكعب للمواطن سيتجاوز الدينارين فيما تقدر حاليًا بأقل من نصف هذه القيمة.