الشمندر في الأردن... فرص استثمارية واعدة وتحديات بيئية في زراعته وتصنيعه

نبض البلد -

الأنباط – رزان السيد

يُعتبر جذر الشمندر من الخضروات المتميزة التي تحظى بشعبية واسعة حول العالم، بفضل فوائده الصحية المتعددة، إذ يحتوي هذا النبات على العديد من مضادات الأكسدة والخصائص العلاجية التي قد تساهم في الوقاية من بعض الأمراض، بما في ذلك السرطان، كما يحتوي على الفيتامينات والمعادن والألياف، بالإضافة إلى أنه يمتاز بسهولة زراعته وقوة تحمله لمختلف الظروف البيئية، ومع ذلك، تتطلب زراعته مراعاة بعض العوامل المناخية للحصول على أفضل النتائج.

كما يتميز الشمندر بقدرته على التكيف مع مختلف الأجواء، ولكن لتحقيق أفضل نمو للمحصول، يفضل زراعته في بيئة باردة، وتعتبر درجات الحرارة المعتدلة من 10 إلى 18 درجة مئوية مثالية لزراعته، ويمكن أيضًا زراعته في الطقس الحار، إلّا أن ذلك قد يؤدي إلى تراجع جودة المحصول وفقدان لونه المميز، كما أن التعرض المفرط لدرجات الحرارة الباردة يمكن أن يؤثر سلبًا على نمو الشمندر، حيث يتسبب في بطء نمو النبات أو حتى تضرر الجذور.

ولتجنب المشكلات المتعلقة بالظروف المناخية، ينصح المزارعون بتحديد توقيت الزراعة بعناية، والابتعاد عن فترات الصقيع الشديد أو الحر الشديد، كما يفضل الزراعة في تربة غنية بالعناصر الغذائية، مع توفير ري معتدل لضمان نمو صحي وسريع للنبات.


وفي الأردن، قامت وزارة الزراعة بإجراء العديد من الدراسات في مناطق مختلفة في المملكة، والتي أسفرت عن نجاح زراعة الشمندر في الأردن، وجاءت هذه الدراسات بعد أن طرح وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات، فكرة استثمار تشمل إنشاء مصنع لتصنيع مادة الايثانول والسكر من مادة الشمندر، مؤكدًا أنها تعتبر من الزراعات الواعدة والتي لها مردود اقتصادي هام.

كما ناقش المركز الوطني للبحوث الزراعية، قبل 3 سنوات، في جلسة حوارية بعنوان " آفاق الاستثمار في زراعة الشمندر السكري والعلفي"، نتائج التجارب والمشاهدات الحقلية التي نفذها بالتعاون مع عدد من المزارعين وشركات من القطاع الخاص.

وبيَّن حينها مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور نزار حداد أن محصول الشمندر سواء لغايات الاستخدام العلفي، أو إنتاج السكر، أو المائدة يعتبر من المحاصيل المتحملة للترب والمياه المالحة والتي أصبحت تحديًا يواجه القطاع الزراعي.

وأضاف حداد حينها، أن قدرة تكيف الشمندر السكري والعلفي لظروف الترب والمياه المالحة كبيرة حيث أثبتت الدراسات العالمية قدرته على تخفيف ملوحة التربة، وأصبح يدخل مؤخرًا من ضمن محاصيل الدورات الزراعية مع محاصيل أُخرى، وعلاوة على ذلك فقد تم زراعة الشمندر السكري في بيئة مختلفة من زراعة بعلية، ترب مالحة، مياه مالحة، مياه معالجة، مياه سطحية، ومياه عذبة، وكانت النتائج مبشرة إلى أن تحديات الاستثمار فيه تتطلب توجه لدى القطاع الخاص للاستثمار بهذا المجال من خلال إنشاء البنى التحتية لعمليات التكرير والاستعداد للتعاقد مع صغار المزارعين.

 
وثمن الخبير في صناعات الأغذية المهندس باسل الريماوي تفاعل المركز الوطني للبحوث الزراعية مع القطاع الخاص والجهود المبذولة بالتشبيك بين القطاع الزراعي العام ممثلاً بالمركز الوطني بالقطاع الخاص وخاصة التصنيعي، مشيرًا إلى أن زراعة الشمندر السكري من الزراعات الرائدة والتي ستكون الحل الوحيد للتحديات التصنيعية ولا سيما منها السكر حيث يستورد الأردن ما يقارب 200 _220 ألف طن سنويًا.

وفي هذا السياق، أوضح خبير الأمن الغذائي، الدكتور فاضل الزعبي لـ "الأنباط"، أن الشمندر مهم جدًا لصناعة السكر والكحول، والعديد من الصناعات الأخرى، مشيرًا إلى أن أي مشروع زراعي صناعي يجب أن يخضع لدراسة جدوى.

وتابع، أنه إذا نجحت زراعة الشمندر في الأردن، بإمكاننا استغلالها كزراعة وتجارة، وإذا لم تنجح الزراعة فيمكن أن تستورد من الخارج وأن يتم الاستثمار فيها في مجال الصناعة.

كما أشار الزعبي بأنه يجب التأكد من البصمة المائية للمشروع، وهي كمية إحتياج الشمندر للمياه، وهل يمكن للموارد المائية في الأردن تغطية هذا المشروع، في ظل الوضع المائي الصعب التي تعاني منه المنطقة؟ مضيفًا أنه يجب قياس الحجم التجاري والصناعي الذي يسعى له المشروع، هل سيكون مشروعًا صغيرًا وأثره بسيط؟ أم أن أثره سيكون كبيرًا ويستحق المغامرة في تجارة هذا المشروع الزراعي والصناعي.