الدكتور أيوب أبو دية

هل تجاوز معدل ارتفاع درجة الحرارة درجة ونصف؟

نبض البلد -


د.أيوب أبودية

كتب روري رينولدز في موقع تحرير المناخ The Climate Auditأن خدمة مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ التابع للاتحاد الأوروبيسجلت أول خرق في العالم منذ عام للهدف المناخي الحاسم البالغ 1.5 درجة سلسيوس - في وقت أبكر بكثير مما توقعه العديد من العلماء. فالرقم القياسي المسجل بين شباط 2023 وكانون الثاني 2024، يجعل العالم أقرب إلى انتهاك اتفاق باريس، الذي يهدف إلى "الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة سلسيوس فوق مستويات ما قبل الصناعة"، أي في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، والحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة إلى "أقل بكثير من درجتين سلسيوس". فماذا حدث، وما هي تبعات ذلك؟

وجاء التقرير في الوقت الذي كشف فيه برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي أن شهر كانون ثاني الماضي كان أدفأ شهر كانون ثاني على الإطلاق في تاريخ العالم الحديث، حيث بلغ متوسط ​​درجة الحرارة 13.14 درجة سلسيوس. وقالت سامانثا بيرجيس، نائبة مدير مرصد كوبرنيكوس، إن عام 2024 يبدأ بشهر آخر قياسي، فليس هذا هو شهر كانون ثاني الأكثر دفئًا على الإطلاق فحسب، بل شهدنا للتو فترة 12 شهرًا متتالية زادت فيها درجات الحرارة بأكثر من 1.5 درجة سلسيوس عن الفترة المرجعيةالمعتمدة لما قبل الثورة الصناعية.

كان معدل درجة الحرارة في الغلاف الجوي للأرض العام الماضي هو الأكثر سخونة على الإطلاق "بهامش كبير"، حيث اقترب متوسط ​​درجات الحرارة من 1.5 درجة سلسيوس فوق مستويات ما قبل الصناعة. صرّح مرصد كوبرنيكوس إنه في الفترة من يناير إلى نوفمبر 2023، كان متوسط ​​درجات الحرارة العالمية هو الأعلى على الإطلاق - 1.46 درجة سلسيوس فوق متوسط ​​ما قبل الصناعة، أي في الفترة الواقعة بين عامي 1850-1900. ولكن قد تجاوز معدل شهر كانون ثاني 2024 هذا الرقم، حيث بلغ 1.66 درجة سلسيوس، وهي أكثر سخونة من الفترة التي سبقت بدء الناس في حرق الوقود الأحفوري بكثافة.

لقد بدأ العالم يشهد حالات شاذة في أنماط الطقس بشكل أكثر انتظامًا. ففي شهر كانون ثاني الماضي، سجلت المملكة المتحدة رقما قياسيا عندما بلغت درجة الحرارة في كينلوتشيوي في شمال غرب اسكتلندا 19.6 درجة سلسيوس، فيما سجلت مناطق أخرى من أوروبا درجات حرارة قياسية، بما في ذلك إسبانيا. كما وصلت كندا إلى واحدة من أعلى معدلات الانبعاثات المسجلة لشهر أيار، محطمة إجمالي الأرقام القياسية في كولومبيا البريطانية وساسكاتشوان والأقاليم الشمالية الغربية ونوفا سكوتيا.

ومن اللافت أثر ارتفاع درجات الحرارة على حرائق الغابات التي باتت واسعة النطاق في جميع أنحاء غرب كندا، حيث ظلت مشتعلة طوال شهر أيار 2023. كما أظهر إجمالي بيانات الطاقة الإشعاعية للحرائق اليومية من المرصد نشاطًا كبيرًا لحرائق الغابات في كولومبيا البريطانية وألبرتا وساسكاتشوان والأقاليم الشمالية الغربية منذ بداية شهر أيار، مع زيادة النشاط شرقًا في أونتاريو ونوفا سكوتيا في نهاية الشهر. وقد تتبع المرصد انبعاثات كبيرة من حرائق الغابات هذه، مع انتقال مستمر طويل المدى عبر أمريكا الشمالية والمحيط الأطلسي حتى وصل إلى الدول الاسكندنافية والمحيط المتجمد الشمالي.

وقام المرصد بتتبع نشاط حرائق كبير للغاية في مناطق مختلفة من إسبانيا، مما أثر بشكل رئيسي على فالنسيا مع المزيد من الحرائق في أستورياس وكانتابريا. ونتيجة لحرائق الغابات هذه، شهدت إسبانيا أعلى مستويات الانبعاثات المسجلة لهذا الشهر، على قدم المساواة مع حرائق الغابات في عام 2012. إن حدوث حرائق غابات بهذه النسب في وقت مبكر جدًا من العام يعد أمرًا غير معتاد. وقد سلطت بيانات كوبرنيكوس الضوء على كيفية تفاقم خطر الحرائق بسبب درجات الحرارة المرتفعة والظروف الجافة التي أثرت على القارة خلال الشتاء الماضي.

وبناء عليه، فقد أدت حرائق الغابات الأخيرة في مناطق مختلفة من إسبانيا، والتي أثرت بشكل خاص على فالنسيا وأستورياس وكانتابريا، إلى مستويات غير مسبوقة من الانبعاثات لهذا الشهرمطلع هذا العام. إن حدوث مثل هذه الحرائق الشديدة في وقت مبكر من العام أمر غير معتاد إلى حد كبير، مما يسلط الضوء على تفاقم مخاطر الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة والظروف الجافة، كما أشارت بيانات مرصد كوبرنيكوس. بالإضافة إلى ذلك، تكشف البيانات الأخيرة أن أمريكا الوسطى شهدت حرائق غابات موسمية أعلى قليلاً من المتوسط ​​بين شهري نيسان وأيار.

وبناء عليه، إذ تؤكد هذه النتائج على الحاجة الملحة لاتخاذ تدابير استباقية للتخفيف من آثار تغير المناخ ومعالجة التهديد المتزايد لحرائق الغابات على مستوى العالم، وبخاصة في دولة تقل فيها مساحة الغابات عن 1%، كالاردن. وفضلا عن ذلك البحث في مدى الضرر على معيشة البشر ومخاطر الانقراض على التنوع الحيوي ومجابهته.